الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

التعليم في جنوب السودان - متاهة المناهج الدراسية

ملكال – يعاني جنوب السودان من مشكلة التحول من المنهج العربي إلى الانجليزي. أثر ذلك على سير العام الدراسي وترك مستقبل المعلمين والطلاب مجهولا.
25.04.2024
طلاب مدرسة لويجي أدوك الثانوية المشتركة أثناء الفصل الدراسي، 14 يونيو.
طلاب مدرسة لويجي أدوك الثانوية المشتركة أثناء الفصل الدراسي، 14 يونيو.

برغم من بداية العام الدراسي في الثاني والعشرون من شهر فبراير الماضي وفقا للتقويم التربوي الموحد للجنوب السودان، إلا أن تحدي المنهج يقف عائقا أمام المعلمين والطلاب في مدارس الأساس والثانوي.

الطالب المدرسي لا يعرف المنهج الذي يدرس و من أي كتاب يدرس، نتيجة للتنوع المناهج ما بين المنهج الكيني والسوداني وجنوب السوداني، وتنوع اللغات المصاحبة لكل منهج.


إليزا جمري أوكيلو، معلمة بمدرسة لويجي أدوك الثانوية المشتركة، 14 يونيو.
© النيلان | فرانسيس مايكل

عدد من المعلمين يجدون أن ترجمة المواد هي الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من توصيل المعلومة. المعلم أنجلو أوكيت، يرى مشكلة في هذا الحل، حيث أن الترجمة لا تضمن توصيل المعلومة بطريقة كاملة وصحيحة ويمكن ”للمعلم أن ينقص أو يزيد“.

مع إعلان دولة الجنوب السودان اصبح الانجليزية اللغة الرسيمة التي تدرس في المدارس، مما شكل خطرا على المعلمين الذين تلقوا تعليمهم في السودان باللغة العربية. إليزا جمري أوكيلو، معلمة بمدرسة لويجي أدوك الثانوية المشتركة، ترى أن صعوبة الترجمة من اللغة الانجليزية إلى العربية هو التحدي الذي تواجها لانها تلقت تعليمها بالعربية.

هذا يعني أن عددا من المعلمين ليسو قادرين على على تدريس باللغة الانجليزية، فالبعض منهم ”يحاولون توصيل المعلومة ونحن كطلاب نتلقى ما يقوله المعلم لأننا لا نملك الكتاب المدرسي“، يقول الطالب سانتينو جوزيف.

كما يرى عدد من الطلاب أن ترجمة المواد من العربية إلى الانجليزية أو عكسه ليست حلا، لأن لغة التدريس يجب أن تكون الانجليزية حيث أن التعليم في جميع الجامعات أصبح بهذه اللغة.

لكن مشاكل التعليم لا تتوقف عند لغة التدريس فقط، بل تصل كذلك منهج التدريس، الذي ما زال يعاني من غياب سياسة موحدة، كما يفسر الأستاذ إيمانويل موقو مدير مدرسة سانت لوانقا سابقا وأستاذ مادة كيمياء بجامعة أعالى النيل

ويضيف موقو أن ”جوهر التعليم يكتمل في وجود ثلاثة أشياء: المعلم، الطالب، والكتاب. غياب واحد منهم يفقد التعليم هيبته“.

مشكلة المنهج الدراسي تعود إلى أن المنهج المدرس حاليا هو ما زال نفسه ذلك المقترح الذي وضع سنة 2007، على أن يتم تحسنيه وتبنيه في جميع المدارس. لكن مع فشل وزارة التربية والتعليم في وضع منهج مشترك، جعل المعلمين يستخدمون العناوين الموجودة في ’الكتاب الأخضر‘ كمنهج، مما وضع عبئ البحث عن المعلومة الكاملة على عاتق المعلم لوحده، في ظل غياب المراجع والمكتبات في الولاية وانعدام خدمات الإنترنت في بعض المناطق.

”جوهر التعليم يكتمل في وجود ثلاثة أشياء: المعلم، الطالب، والكتاب. غياب واحد منهم يفقد التعليم هيبته“
إيمانويل موقو

العناوين الموجودة في ’الكتاب الأخضر‘ متشابهة مع المنهج الكيني، مما اجبر إدارة التعليم على اتخاذ قرار استخدام المنهج الكيني في مدارس الولاية بدلا من الانتظار أو إغلاق المدارس، يقول المعلم خميس شول، مدير مدرسة لويجي ادوك.

هذا ويقع اللوم، حسب الأستاذ بيتر نياويلا نيكواج، مدير في مدرسة في مرحلة الثانوي، على الحكومة الاتحادية لأنها هي المسؤولة عن سياسات التعليم في الدولة. ”من الواجب عليهم توفير منهج موحد حتى لا يتضرر الطلاب“.

كما كان من المفترض توفير منهج جديد قبل إلغاء القديم، الشيء الذي لم تعمل به الحكومة الاتحادية، حيث ألغت المنهج السوداني ولم توفر البديل.

بعد إعلان دولة جنوب السودان كدولة مستقلة كان من المفترض على الحكومة ان تؤسس مراكز للأبحاث التربوية بهدف وضع منهج يدرس في الدولة بدلا من التحول بين المناهج، كما يقول باولو جون نائب الأمين العام للاتحاد المهني للمعلمين في ولاية أعالي النيل. وطالب جون وزارة التربية بإعادة النظر في المنهج، واستخدام المنهج القديم لحين إيجاد منهج بديل له.

”على الحكومة توفير الكتب المدرسية في أسرع وقت ممكن حتى لا يضيع مستقبل الجيل الحالي“
فولينو توفاج
كما يرى العديد من المعلمين وأولياء الأمور أن استخدام المنهج الكيني لا يتوافق مع بيئة جنوب السودان من حيث المواد المدرسة، وأن له تأثير على مستقبل أبناء الجنوب ثقافيا واجتماعيا.

فولينو توفاج، ولي أمر، يرى أن تدريس المنهج الكيني في مدراس الاساس والثانوي ”يصنع جيل غير ملم بتاريخ جنوب السودان، لذا يجب على الحكومة توفير الكتب المدرسية في أسرع وقت ممكن حتى لا يضيع مستقبل الجيل الحالي“.

ما زال أمام جنوب السودان طريق طويل في مجال التعليم. بالإضافة إلى توفير منهج دراسي موحد، فما زال على الدولة تدريب المعلمين وتوفير الكتب المدرسية للطلاب. يجب أن يكون التعليم إحدى أولويات الدولة، لأنه مع توفير المنهج المناسب، يصبح التعليم قوة لبناء السلام، وتطوير هوية الأمة.