الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

مهرجان السياحة بالبحر الأحمر بين نجاح مشكوك فيه وسياسة ’التنمية المقلوبة‘

بورتسودان - أقفل مهرجان السياحة في ولاية البحر الأحمر أبوابه في نهاية شهر فبراير الماضي. فما هي آراء شرائح المجتمع السوداني المهتمة والمتأثرة بالمهرجان في عاصمة الولاية حول نجاحه؟
25.04.2024
المسرح الغنائي بإستاد بورتسودان حيث نظمت جميع حفلات المهرجان، فبراير 2013.
المسرح الغنائي بإستاد بورتسودان حيث نظمت جميع حفلات المهرجان، فبراير 2013.

على أحد مقاعد الكورنيش الرئيسي ببورتسودان يجلس حسن وعروسته لمياء وهما يرتشفان بعض العصير، ومن خلال مظهرهما والأسئلة التي طرحاها على أحد الباعة المتجولين في الكورنيش، بدا واضحاً أنهما ضيفان على المدينة.

تأكد لي هذا بعد أن اقتربت منهما وسألتهما عن ذلك، فقال حسن أن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها مدينة بورتسودان، وكان قد خطط سابقاً لهذه الزيارة بصحبة عروسته خلال شهر العسل والإستمتاع بأجواء المدينة التي قال أنها ”جميلة وساحرة“.


الكورنيش الرئيسي حيث أقيم معرض خاص بالمنتجات البحرية أثناءأيام المهرجان، فبراير 2013.
© النيلان | عبد الهادي الحاج
خلال الفترة الممتدة من شهر نوفمبر وحتى نهاية فبراير تعيش مدينة بورتسودان أجواء معتدلة وانخفاض نسبي في درجات الحرارة، الأمر الذي يجعلها قبلة للعديد من سكان السودان الذين يرغبون في زيارتها.

حكومة ولاية البحر الأحمر اختارت ذات الأشهر للإعلان عن قيام مهرجان سنوي خاص بالسياحة والتسوق فى إطار خطة والي الولاية محمد طاهر إيلا، التي تهدف للنهوض بالجانب السياحي في ولايته.

وبحلول الثامن والعشرين من شهر فبراير أسدل مهرجان السياحة والتسوق بالبحر الأحمر الستار على دورته السادسة تاركاً الباب مفتوحاً للعديد من الآراء التي اختلفت حول ما حققه المهرجان من نجاح خلال السنوات الماضية.

واتفقت معظم هذه الآراء على أهمية السياحة كمورد اقتصادي مهم للدولة، ولكن الاختلاف جاء حول نجاح دورة هذه السنة، حيت يرى البعض مثلا أن المهرجان حقق نجاحا لا نظير له.

الصادق المليك، عضو اللجنة العليا لمهرجانا السياحة ورئيس اللجنة الثقافية يرى أن ”المهرجان قد حقق نجاحاً منقطع النظير“ لا سيما أن ”اللجان التي عملت خلال الدورات السابقة قد اكتسبت خبرات تراكمية مكنتها من تجويد أدائها“، عبر توازن توافرت فيه جميع أسباب النجاح عبر مشاركة مختلف مكونات المجتمع الثقافية المحلية بالإضافة للمشاركات الخارجية من بعض الدول مثل بريطانيا ومصر وإريتريا، وكذلك مشاركات القطاع التجاري في فعاليات المهرجان.

ويضيف المليك أن ”مواطن بورتسودان استفاد أيضاً من المهرجان عبر السيولة التي توفرت من خلال الإقبال على الفنادق والمطاعم والحراك التجاري الذي شهدته المدينة بصورة عامة“، وذلك ما يشير إلى أن الدورات القادمة سوف تتميز بالنجاح أيضاً، لا سيما أن إقبال المواطن السوداني على مدينة بورتسودان صار ملحوظاً، بل ليس بورتسودان فقط، انما المناطق السياحية الأخرى بالولاية، حيث ”أكدت حكومة البحر الأحمر على نجاحها فى تفعيل السياحة الداخلية بصورة لم يسبق لها مثيل“.

”الدعاية التي صنعتها حكومة البحر الأحمر للمهرجان كانت أكبر من الطاقة الإيوائية للمدينة“ سراج الدين محجوبأما سراج الدين محجوب، الخبير السياحي ومدير إدارة السياحة الأسبق بولاية البحر الأحمر يذهب إلى أن ”الدعاية التي صنعتها حكومة البحر الأحمر للمهرجان كانت أكبر من الطاقة الإيوائية للمدينة“ من حيث توفر البنى التحتية للسياحة، وهو الأمر الذي أدى لاكتظاظ الفنادق بالنزلاء للحد الذي لم يجد فيه البعض حجزا بالفنادق أو الشقق المفروشة.

ويضيف محجوب أن ”اكتظاظ المدينة بالزوار تسبب في غلاء فاحش فى أسعار مختلف السلع“ لا سيما المأكولات والمشروبات وذلك نتاج طبيعى لعدم جاهزية المدينة لاستقبال مثل تلك الأعداد الكبيرة في فترة زمنية محدودة، ويرى محجوب أن ”الجانب الغنائي كان هو الطاغي في فعاليات المهرجان مع إهمال للفعاليات السياحية الأخرى عدا بعض المعارض المحدودة“.

البعض الآخر ذهب للقول بأن حكومة البحر الأحمر لم تصل بعد للمرحلة التي يستوجب عليها أن تضع السياحة في مقدمة أولوياتها بسبب غياب ضروريات الحياة في المدينة.

”الولاية لا تزال تعاني نقصاً في جانب توفير المياه الصحية للمواطن وتفتقر لخدمات الرعاية الصحية الجيدة“
جعفر بامكار
يرى جعفر بامكار، الناشط السياسي ومرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان لمنصب والي البحر الأحمر في انتخابات 2010، أن ”الولاية لا تزال تعاني نقصاً في جانب توفير المياه الصحية للمواطن وتفتقر لخدمات الرعاية الصحية الجيدة“، بجانب مشكلات البطالة وتدني مستوى الدخول، وأن حكومة الولاية لا يمكن أن تهمل كل تلك الأساسيات وتتجه للاهتمام بمهرجان السياحة من أجل الدعاية السياسية فقط.

ويضيف بامكار أن ”حكومة الولاية أخفقت حتى حينما اختارت نهج التنمية المقلوبة“، حيث لا وجود لبنى تحتية حقيقية للسياحة، وأن شوارع الأسفلت والكورنيشات لا يمكن أن تكون هدفاً لسائح يفترض أن عليه يدفع بالعملة الصعبة، وأن ”الرسالة الدعائية الحالية للمهرجان تستهدف المواطن المحلي وليس السائح الأجنبي“، وهذا دلالة على قصور رؤى حكومة الولاية.

وفي هذا الجانب يرى صلاح بسطان، وهو صاحب وكالة سفر وسياحة وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد وكالات السفر والسياحة بالبحر الأحمر، أن ”حكومة الولاية قد نجحت تماماً في الدعاية والترويج للمهرجان وفشلت فى خلق فعاليات سياحية حقيقة واهتمت فقط بالحفلات الغنائية“.


”حكومة الولاية قد نجحت تماماً في الدعاية والترويج للمهرجان وفشلت فى خلق فعاليات سياحية حقيقة واهتمت فقط بالحفلات الغنائية“
صلاح بسطان

ويشير بسطان إلى أن ”إبعاد الجهات ذات الصلة بالمجال السياحي من لجنة المهرجان قد حرم الجهات المنظمة من تطوير التجربة“، لا سيما وأن الجهات القائمة على أمر المهرجان ليست لها صلة بالسياحة.

ويضيف أن ”المهرجان قد حقق نجاحاً خلال الثلاث دورات الأولى“ بسبب إشراك القطاع الخاص في الإعداد له وتم إخراجه بالصورة المطلوبة وهو ما أدى لفشل الدورات الثلاث الأخيرة حينما أستبعد القطاع الخاص، بل وشمل الاستبعاد وزارة السياحة صاحبة الشأن.

لكن بصورة عامة يرى بسطان أن المهرجان قد ”خلق زخما سياحيا استفادت منه المدينة بصورة أو بأخرى“ ويمكن تطوير هذه الفائدة في المستقبل.

بين موافق ومعارض لنجاحه، مر مهرجان السياحة بالبحر الأحمر تاركا وراءه آمالا بتقدم ونجاح أكبر العام المقبل للبعض، وأسئلة حول أحقية وجوده للبعض الآخر.