الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

غرب الاستوائية‪:‬ الخوف من هجوم جيش الرب للمقاومة

أكيم موجيزا
يامبيو - ولاية غرب الاستوائية في جنوب السودان جزء من منطقة جغرافية واسعة تأذت من جيش الرب للمقاومة. المحاولات الدولية للقضاء على الجماعة التي لا يزال زعيمها المراوغ مفلتاً من العدالة مازالت قائمة، بينما يتزايد خوف…
25.04.2024
مجموعة من مقاتلي جيش الرب للمقاومة والأطفال المختطفين الذين انشقوا عنه في عام 2009.
مجموعة من مقاتلي جيش الرب للمقاومة والأطفال المختطفين الذين انشقوا عنه في عام 2009.

على الرغم من أن ولاية غرب الاستوائية كانت هادئة نسبياً في العام الماضي، إلا أن ذكريات هجمات جيش الرب للمقاومة الدموية لا تزال حاضرة في ذهن جاكسون جيروم.

جيروم، الذي عمره 49 عاماً والعامل في لجنة إغاثة وإعادة تأهيل جنوب السودان في بنغازو بايام، يقول إن "الحدود قريبة جداً وقد يعودون في أي وقت".

وقال إن المتمردين، المتهمين بقتل آلاف الناس واختطاف غيرهم الكثير خلال أكثر من عقدين من الزمن، وصلوا على بعد كيلومترين من يامبيو عاصمة الولاية العام الماضي.


بعض الفتيات اللواتي تمكن من الفرار من جيش الرب للمقاومة وهن حوامل أو لديهن أطفال من أفراد هذا الجيش.
© النيلان | أكيم موجيزا

ويروي جيروم كيف تراجع المتمردون تحت ضربات صبيان الأسهم، وهي ميليشيا محلية مسلحة بالسهام والأقواس والرماح. وأشاد جيروم بلجان الأمن الأهلية في اقتفاء آثار المتمردين الغزاة وتوفير المعلومات وتوجيه قوات الدفاع الشعبية الأوغندية. وقال: "ساعدنا جنود قوات الدفاع الشعبية الأوغندية الذين دخلوا الأدغال وطاردوهم إلى الكونغو وأفريقيا الوسطى حيث يعيشون".

سُجل آخر هجوم لجيش الرب للمقاومة على تراب جنوب السودان في ديسمبر 2011 في بورو المدينة، مقاطعة رجا، ولاية غرب بحر الغزال، حينها اختطفوا وقتلوا فتاتين.

تنحدر الجماعة من شمال أوغندا حيث أمضت سنوات في إثارة وقتل واغتصاب واختطاف الأطفال وإجبارهم على القتال. وقد أرغمت القوات الحكومية زعيم المتمردين على التراجع إلى غابات غارامبا في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومنذ عام 2006، تعاني جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى من هجمات جيش الرب للمقاومة.

من قاعدته في غارامبا، استفاد جيش الرب للمقاومة من كثافة الغابات وأكل لحوم الحيوانات التي يصطادونها، وخطفوا مواطنين كونغوليين لتعزيز قواتهم ونشروا الرعب بين السكان المحليين داخل حدود جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وكان آخر هجوم لجيش الرب في جمهورية أفريقيا الوسطى على مسافة 800 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة بانغي. وذكرت تقارير صحفية أن 55 شخصاً اختطفوا على يد مجموعة من جيش الرب مؤلفة من قرابة 20 مقاتلاً مسلحاً.


العقيد الأوغندي ديك أولم (في الوسط) ونائبيه الجنوب السوداني والكونغولي بعد استقابال رموز بعثة الإتحاد الإفريقي، 23 مارس.
© النيلان | أكيم موجيزا

وشهد المختطفين الذين فروا أو أنقذوا من الأسر على تجارب مروعة.

عملت الهيئات الإنسانية والسلطات في البلدان المتضررة لجمع شمل الرجال والنساء والأطفال، بما في ذلك المقاتلين السابقين، مع أسرهم. وكثير من المراهقات من بين الضحايا، هربن من القوات حوامل ومرضعات لأطفال من قادة المتمردين.

أروب تشارلز أحد المقاتلين السابقين الذي يقال إنه ترأس مجموعة ذبحت 148 كونغولياً من الرجال والنساء والأطفال في كنيسة في فردج، خلال عطلة عيد الميلاد عام 2008. وقال أروب لجنود قوات الدفاع الشعبية الأوغندية بعد انشقاقه في إيما: "كنا خائفين دائماً من الاستسلام. قالوا لنا إن الحكومة الأوغندية كانت تقتل أولئك القادمين من الأدغال".

ادعى أنه كان مدير عمليات جيش الرب للمقاومة في الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل أن يتخلى عن التمرد. وشهد عدد آخر من العائدين، شعرهم على شكل ضفائر، أنهم كانوا في الأدغال لأكثر من عشر سنوات منذ اختطافهم وتجنيدهم كمقاتلين في سن المراهقة في شمال أوغندا.


عضو في سلاح الجو الأمريكي يستمع الى الخطب في إطلاق عملية مشتركة ضد جيش الرب للمقاومة في جوبا، 23 مارس. © النيلان | أكيم موجيزا

تقدر قوة جيش الرب للمقاومة المتبقية بنسبة صغيرة من قوتها السابقة، ويبلغ عددهم نحو 450 رجلاً.

وزعيمهم جوزيف كوني غير مستعد للاستسلام بسبب لائحة اتهام من المحكمة الجنائية الدولية، وفقاً لقائد كبير هو سيزر أسيلم الذي ألقي القبض عليه في مايو من هذا العام. وعقّب أسيلم بأنه يخاف من الاتهامات الموجهة إليه في لاهاي.

لقد فشلت محاولات القبض على زعيم المتمردين القديم، وكل ما تمكنت قوات الدفاع الشعبية الأوغندية من فعله هو مصادرة متعلقاته الشخصية ومنها بدلات سفاري وأدوات اتصال.

اعتمد المتمردون المتابعون عن كثب من قبل القوات الأوغندية والكونغولية أساليب جديدة، من قبيل التقسيم إلى مجموعات أصغر لتجنب الانكشاف والتمكن من نهب القرى بسهولة. قتل مئات المدنيين أو اختطفوا وهجرت القرى وتوقفت الزراعة، لأن المقاتلين يمكن أن يظهروا من الأدغال المحيطة في أي وقت بينما يعمل السكان المحليين في بساتينهم.

وقال فيليكس كاتي، صحفي محلي مقيم في يامبيو، إن مجموعة من خمسة متمردين مشتبه بهم شوهدت وهي تتحرك عبر الولاية في يوليو. وأضاف: "ربما واحد أو اثنان منهم يحملان بندقية بينما يحمل الباقون عصياً ومناجل. وهم ينشطون بشكل رئيسي خلال مواسم الأمطار حيث يعطلون الزراعة أو يأتون لسرقة المواد الغذائية في وقت الحصاد". وقد اتهمت هيئات الحياة البرية والمؤسسات الحكومية الأخرى هذه الجماعة بسرقة الفيلة من أجل العاج، والتنقيب عن الذهب، وقطع الأشجار في الغابات لبيع الموارد والحصول على الإمدادات.

أثار تمرد جيش الرب للمقاومة قلقاً إقليمياً ودولياً، ووضعت حكومة الولايات المتحدة الجماعة على قائمة المنظمات الإرهابية. ووسط تصاعد السخط، أرسلت قيادة الرئيس باراك أوباما قبل خمسة أشهر وحدة من 100 رجلاً من قواتها الخاصة لدعم مبادرة التعاون الإقليمي بشأن جيش الرب للمقاومة من خلال توفير الدعم الاستشاري واللوجستي والاستخباراتي.


نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار يلوم جوريف كوني على المفاوضات الفاشلة عام 2008، التي استضافها ككبير الوسطاء. © النيلان | أكيم موجيزا

يصف كريستوفر ج. داتا، نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في جوبا، كوني بالرجل الذكي لكن الوحش. وقد قال: "يا سيد كوني، سوف تواجه العدالة، وهذا اليوم قريب"، وأضاف أن هذا التمرد، وهو من أكثر التمردات ديمومة في أفريقيا، قد استفحل بما فيه الكفاية.

ولا تزال مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في عام 2005 تخيم فوق رؤوس جوزيف كوني وقادته دومينيك أونجوين وأوكوت أوديامبو وآخرين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ولكن بعد سبع سنوات من لوائح الاتهام، لا يزال الهاربون طلقاء دون القبض عليهم أو قتلهم أو تقديمهم إلى المحكمة على فظائعهم المزعومة. أطلقت في مارس بعثة مدعومة من الاتحاد الأفريقي هي مبادرة التعاون الإقليمي بشأن جيش الرب للمقاومة، ما أثار توقعات كبيرة بوقف نشاط الجماعة المتمردة أخيراً.

كلف نائب رئيس جنوب السودان كبير الوسطاء في عملية السلام الفاشلة في عام 2008 بين جيش الرب للمقاومة والحكومة الأوغندية، رياك ماشار تيني، بهذه المبادرة في جوبا. وقال ماشار "كانت لدى كوني أفكار غامضة عما كان يريد لكنه لم يوقع على اتفاق كان جيداً بالنسبة له. كوني سيلوم نفسه لعدم استماعه إلى العالم".

وأعرب عن ثقته بأن مشروع العمل المشترك بين أربع دول بدعم من المجتمع الدولي سينجح ويخلص المنطقة من خطر جيش الرب للمقاومة. كان من المفترض تشكيل وحدة عسكرية إقليمية من 5000 جندي من أوغندا وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى لتتولى المهمة، ولكن حتى الآن لم يتم نشر سوى قرابة نصف هذا العدد.


مبعوث الإتحاد الإفريقي فرانسيسكو ماديرا يقول آن الاتحاد ليس ضد كوني كشخص بل ضد أفعاله، 23 مارس.
© النيلان | أكيم موجيزا

يرأس ديك أولم هذه الوحدة. وقد تم إنشاء أربعة مراكز في يامبيو ونزارا في ولاية غرب الاستوائية في جنوب السودان، وأوبو في جمهورية أفريقيا الوسطى، ودونغو في جمهورية الكونغو الديمقراطية لتنسيق المبادرة لكنهم يواجهون نقصاً في الموارد.

قال الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم الخارجي لتقديم كوني إلى العدالة. وقال موسيفيني في برنامج بانوراما على البي بي سي مؤخراً: "نحن الآن بصدد بعثة دولية. وهي ليست بعثة محلية، ولا يمكن أن تعتمد البعثة الدولية فقط على موارد محلية. الكرة في ملعب المجتمع الدولي للمساعدة".

قال فرانسيسكو ماديرا المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي إن العملية العسكرية واجهت تحديات لوجستية فضلاً عن التضاريس القاسية. ويؤكد ماديرا أن البعثة العسكرية الأفريقية تسعى للقضاء على جيش الرب للمقاومة من خلال تحييد كوني وقادته أو القبض عليهم أو إجبارهم على الاستسلام لكي يعود السلام والاستقرار إلى المنطقة. "لا يهم إذا انتحر كوني أو قتل".

وقال مبعوث الاتحاد الأفريقي، متحدثاً في مناسبة استقبال 2500 جندي من القوة الإقليمية في يامبيو أوائل هذا الشهر، إن الخطة العاجلة هي نشر قوات لحماية المجتمعات المحلية. وقال إن بعثة الاتحاد الأفريقي والهيئات الإنسانية سترحب بمقاتلي جيش الرب الذين يستسلمون طواعية للسلطات.