الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

بين التعذيب والمصادرة‪:‬ أوضاع الصحفيين القاسية والاستهداف المباشر من الأمن السوداني

محمد هلالي
الخرطوم - الاحتجاجات ضد النظام في السودان عرفت قمعا متواصلا للصحافة التي تحاول تغطية هذه الأحداث، عبر اعتقالات متواصلة للصحفيين السودانيين و كذلك الصحفيين القادمين من خارج السودان.
25.04.2024
مظاهرات أم درمان في التاسع والعشرين من يونيو الماضي.
مظاهرات أم درمان في التاسع والعشرين من يونيو الماضي.

منذ أن اندلعت الإحتجاجات الشعبية في السودان ضد نظام عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني، فإن الصحفيين والإعلاميين والمراسلين للوكالات الداخلية والخارجية قد أصبحوا مباشرة الأهداف الأولى لقوات الأمن الحكومية.

وعلى الرغم من أن هذا الأمر ليس جديدا على الصحافة والإعلام السودانيين، إلا أن هذه المرة كانت أكثر شراسة ووحشية من ذي قبل، والواضح بما لا يجعل مجالاً للشك أنها منظمة وممنهجة كذلك.

وعند الحصر، فإننا نورد أن هنالك عدد من الإعلاميين مُورِست ضدهم انتهاكات من قبل الأجهزة الأمنية للنظام وهم الصحفية فاطمة أحمد والكاتب عبد الباقي الظافر من صحيفة ’آخر لحظة‘، واللذان تعرضا للضرب على يد قوات الشرطة عند تغطيتهم لأولى التظاهرات والإحتجاجات في منطقة شارع الستين بالخرطوم في مطلع يونيو الماضي.

جاءت حالات الإعتقال والإحتجاز التي يتخللها ضرب وتعذيبوفي ما بعد‪،‬ فقد تعرضت الزميلة بمشروع ’النيلان‘ والصحفية بصحيفة ’التيار‘ رشان أوشي، ومعها الصحفية بصحيفة ’الجريدة‘ ناهد الباقر، للضرب على يد عناصر من الشرطة كذلك في جامعة الخرطوم عند تغطيتهم لأول مظاهرة بها في 16 يونيو.

ومن ثم جاءت حالات الإعتقال والإحتجاز التي يتخللها ضرب وتعذيب، وأولها كان من نصيب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية مارت يلي والذي سُحِب ترخيصه تماماً في 19 يونيو، إلى جانب المصور الصحفي محمد التوم، والذان جرى إعتقالهما في أحداث الجمعة الأولى التي خرج فيها المتظاهرون ضد النظام.

وفي اليوم الذي سبق هذا مباشرة، كان إحتجاز الصحفي لؤي عبد الرحمن لساعات عند تغطيته لتوقيع ميثاق بين مجموعات شبابية تدعو إلى التغيير بدار حركة القوى الجديدة بالخرطوم. وكان نصيب الصحفيين بصحيفة ’السوداني‘ خالد أحد وإبتهاج متوكل هو ذات الذي أخذه زملائهم عند تغطيتهم للتظاهرات الطلابية بشارع الجمهورية في 22 يونيو.

وفي ذات السياق جاء إعتقال ومن ثم إنهاء عمل وترحيل الصحفية المصرية سلمى الورداني التي تعمل لشبكة ’بلومبرغ‘، وذلك عند تغطيتها لتظاهرات الطلاب بجامعة الخرطوم في 26 يونيو.


سارة ضيف الله.  © النيلان | محمد هلالي

وفي الجمعة الثانية والتي وافقت 29 يونيو قامت القوات الأمنية كذلك بإعتقال الصحفي أنور عوض‪.‬

وتحدث أنور عن تعرضه للضرب والتعذيب على الرغم من تعرفهم على مهنته كصحفي، وهذا الأمر كذلك إنطبق على كل الحالات السابقة الذكر.

وتحدث انور عن ضرب شديد في الرأس تعرض له من قِبل معتقليه على الرغم من درايتهم مسبقاً بأنه يعاني من مشكلة صحية مزمنة في الدماغ ويتعالج منها بدواء يومي راتب.

ومن ثم جاء إعتقال الصحفية المصرية بصحيفة ’الوطن‘ شيماء عادل، من مقهى إنترنت فى منطقة الحاج يوسف بالخرطوم بحري، واعتقلت معها أيضا الصحيفة السودانية مروة التيجاني، وناشطة سياسية تدعى يسرا، واقتادتهن أجهزة الأمن إلى مكان مجهول‪.‬

ومما يذكر هنا أنه رشحت أنباء في الأوساط الصحفية عن أن التحفظ على شيماء جاء بطلب من جهة سيادية بالحكومة السودانية دون تسميتها. وأخيراً تقوم الأجهزة الأمنية بإستدعاء الصحفي محمد الأسباط وتحتجزه لفترات طويلة، للتحقيق معه على خلفية علاقته بالصحفية المصرية شيماء.

ومن ثم كان الإعتقال الوحشي للصحفية سارة ضيف الله والمصور ساري أحمد عوض من شارع الستين بالخرطوم أثناء تغطيتهما للإحتجاجات في 24 يونيو، وهي صحفية بصحيفة ’الجريدة‘ وساري مصور فوتغرافي.

وتقول الصحفية سارة ضيف الله لـ’النيلان‘، أن قوات الأمن إعتقلتها هي والمصور ساري أحمد عوض والناشطة كريمة فتح الرحمن من داخل عربة المصور ساري، بعد تغطيتها لتظاهرات بشارع الستين.


علاء الدين محمود. © النيلان | محمد هلالي

وأضافت أنهم ضربوا بـ”السياط على مناطق متفرقة من الجسد في الوجه والمؤخرة والرأس“، وتم قذفهم ”بعنف إلى العربة التي إقتادتهم إلى مكان مجهول“ وتلفت إلى أنه تعاني من آلام في الكتف بسبب هذا الأمر‪.‬

وبعد ساعتين تم إقتيادهم إلى مكان آخر حيث أجلسوا على الأرض في مواجهة حائط في مكان ضيق جداً وقذر للغاية‪.‬ وطوال هذه الفترة كانوا يقومون بضربهم بالسياط ويسبونهم على الرغم من تعريفها بنفسها على أنها صحفية.

بعد ذلك ذهبوا بهم كلٍ على حدى للتحقيق، الذي وصفته سارة بـ”المستف“، مشيرة إلى أن من حقق معها كان يسألها من كل شئ تقريباً ”حتى المسائل الشخصية“، وإستمر هذا الأمر لأكثر من ساعتين‪.‬

وبعد مرور حوالي يوم كامل لهم بالمعتقل، تم الإفراج عنها ورفيقتها بعد توقيعهم على تعهد بعدم الإقتراب من أي مكان به تجمع‪.‬

وتضيف سارة أن ”أفراد الأمن حاولوا استفزاز اسرتها وتحديداً والدها“، مبينةً أنهم وصفوا البنات اللائي يخرجن في التظاهرات بـ”العاهرات“.


أشرف عبد العزيز. © النيلان | محمد هلالي

ومن جانبه يعتبر عضو سكرتارية شبكة الصحفيين السودانيين علاء الدين محمود، أن الإعلاميين والصحفيين هم الشريحة الأولى المستهدفة من قبل النظام لطبيعتها الوظيفية، مشيراً في ذات السياق إلى أن هنالك بعض الصحفيين ينخرطون في التظاهرات، مؤكداً على أنه ”خطأ كبير“.

وأضاف علاء الدين أن "الصحافة مكبلة ومقيدة وعاجزة عن تمليك الحقائق للجماهير"، لافتاً إلى أنهم يلجأون لمواقع الألكترونية والمدونات حتى يستطيعوا ممارسة مهنتهم دون مصادرة لما يكتبوه.

وفي السياق قال أشرف عبد العزيز، وهو صحفي بصحيفة ’الجريدة‘، أن ”الأمر متوقع من النظام“‪.‬ ويشير أشرف إلى أن النظام ظل يقيد حرية التعبير والنشر لفترة طويلة جداً، وذلك بإتباع أساليب مثل المصادرة وإغلاق الصحف في مرات كثيرة، بالإضافة إلى إعمال سلاح الإرهاب على الصحفيين أنفسهم‪.‬

أشرف، الذي قضى فترة إمتدت لعام في 2009 داخل سجون الحكومة بسبب مقال كتب بصحيفة ‪’‬رأي الشعب‘ التي كان يشغل منصب المحرر العام بها، أنه لا حل لقمع الصحافة في السودان إلا برحيل النظام.