الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

تأثير التتالي
تبادل المعلومات، والمعرفة، والخبرة

MiCT | النيلان
يحتاج الاعتماد المتبادل بين السدود المقامة على أي نهر إلى تشغيل منسق وتنظيم أمثل لكل السدود. هكذا يمكن، بالتضافر مع بقية العوامل، ضمان تقليل المخاطر وزيادة المنافع المتبادلة لجميع الدول المتشاطئة.
23.04.2021  |  برلين، ألمانيا
سد الروصيرص السوداني. (الصورة: OFID | ف. البسّام)
سد الروصيرص السوداني. (الصورة: OFID | ف. البسّام)

[تم تحرير هذا الموضوع بالاستناد إلى عرض تقديمي من مايكل أبيبي]

يختلف تدفق نهر النيل باختلاف الفصول. إذن، قد تحصل أي منطقة على ضفافه على مياه غزيرة تسبب فيضانات، أو مياه شحيحة تسبب الجفاف. هذا التقلب بين الفائض والعجز أمر معتاد، تتخلله فترات غير منتظمة من التوازن.

يعني مصطلح "سدود متتالية" وجود سدين أو أكثر لتخزين المياه على النهر نفسه أو في حوضه. وتكون هذه السدود مترابطة بحيث يؤثر تشغيل أحدها على عمل البقية. واعتماداً على مدى تنسيق تشغيلها، يمكن أن يكون التأثير العام إيجابياً أو سلبياً.

ويقل التأثير السلبي عموماً إذا كان مشغلو كل سد على دراية باحتياجات السدود الأخرى، وإذا اتفق جميع المشغلين على التعاون.

على جميع السدود المتتالية اتباع عدد من المبادئ الأساسية.

من أجل نجاح التنسيق في تشغيل، على جميع السدود المتتالية اتباع عدد من المبادئ الأساسية، مثل الوصول إلى البيانات الدقيقة وتبادلها، خصوصاً بيانات تنبؤات الطقس وشؤون المياه. وينبغي تشغيل كل سد بطريقة تضمن أقصى المنافع لحوض النهر بالكامل. فتقاسم المنافع بين البلدان وضمنها بأكبر قدر من العدالة أمر لابد منه.

كما ينبغي وضع إطار عمل لإجراءات التشغيل القانونية والمؤسسية. ويجب أن تتضمن الإجراءات وأطر العمل أيضاً مرونة معقولة تسمح للمشغلين بمواجهة المواقف المتوقعة وغير المتوقعة في المستقبل.

أخيراً، يجب استشارة جميع الجهات المتأثرة بتشغيل السدود المتتالية بانتظام، وأخذ وجهات نظرهم بعين الاعتبار.

النيل الأزرق

هناك خمس سدود ذات أهمية خاصة على النيل الأزرق: السد العالي في أسوان (مصر)، وسدود مروي وسنار والروصيرص في السودان، وسد النهضة الكبير في أثيوبيا.

تستخدم السدود لأسباب متنوعة كتوليد الطاقة الكهربائية وتوفير المياه للاستهلاك والري وتخفيف مخاطر الفيضانات، وكذلك للملاحة وصيد السمك والترفيه.

قد ينشأ نزاع عندما يؤثر تشغيل أحد السدود سلباً على أهداف سد آخر. فمثلاً، قد يحتفظ أحد السدود بمعظم المياه المتدفقة عبره كي يملأ خزانه بهدف توليد الكهرباء، مما يقلل كمية المياه المتوفرة للسدود التالية.

ومن الضروري ملاحظة أن مياه نهر النيل ليست موزعة بالتساوي بين دول الحوض، ما يؤدي إلى توزيع غير متساوٍ للموارد المائية. ووفقاً لمبادرة حوض النيل، فإن الطلب المتوقع على المياه في حوض النيل في العشرين عاماً المقبلة (2014 - 2034) سيزداد بمعدل 60 في المئة.

وتقتضي الموازنة بين الاحتياجات والمصالح الاعتراف باحتياجات كل طرف واعتبارها مشروعة، وتلبيتها بطريقة مستدامة ومنصفة وفعالة.

فما الذي يمنع دول حوض النيل من تفعيل اتفاقيات التعاون هذه على أساس موازنة الاحتياجات؟

يوفر التعاون في تشغيل السدود فرصاً كثيرة.

يوفر التعاون في تشغيل السدود فرصاً كثيرة، كالمساعدة في التكيف مع تغير المناخ من خلال تجاوز الجفاف والوقاية من أضرار الفيضان، بالإضافة إلى توفير الطاقة الكهرومائية لمنطقة شرق النيل بكاملها.

ومن الأهمية بمكان الاستفادة من المعارف المائية المتوفرة، ومن البيئة المساعدة التي أوجدها التعاون المستمر بين مبادرة حوض النيل والمكتب الفني الإقليمي لشرق النيل.

يساعد ذلك في تشجيع البلدان على وضع آليات مشتركة لتبادل البيانات والتشاور وقواعد معيارية مشتركة لتشغيل السدود. كما أن لقاء جميع الجهات المعنية في منطقة شرق النيل للتعاون في التغلب على نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة يساعد في بناء مستقبل يزيد فيه الازدهار والانسجام.

مستويات التعاون

لدعم البلدان في بناء هذا المستقبل، تشارك مبادرة حوض النيل والمكتب الفني الإقليمي لشرق النيل في مشاريع عديدة لتحسين التنبؤ وتحسين سلامة السدود وغيرها. والأشد إلحاحاً هو خارطة الطريق التي تضعها حالياً الهيئتان المذكورتان وتتضمن خيارات مختلفة لتنسيق تشغيل السدود القائمة وتلك المخطط إنشاؤها.

هناك مستويات مختلفة ملموسة من التعاون الممكن في تنسيق إدارة السدود المتتالية في شرق النيل.

المستوى الأول هو تبادل البيانات بين مختلف الجهات المعنية. ويعتمد التعاون على منظور محلي يترجم إلى تغييرات طفيفة في العمليات القائمة بالأساس. وهو يترك الباب مفتوحاً لإمكانية تعديل التشغيل اعتماداً على البيانات الواردة من السدود الأخرى.

يشمل المستوى الثاني هو التعاون بين المنظور المحلي ومنظور النهر ككل. أي اتباع قواعد التشغيل المحلية ولكن تعديلها عند اللزوم لتمكين تقاسم المنافع إذا وضعت اتفاقيات حول أهداف مشتركة.

أما المستوى الثالث والأخير فهو التعاون الكامل، ويستند إلى منظور النظام ككل الذي يقيم قواعد التشغيل وفق أهداف مشتركة بين الدول المتشاطئة. كما يمكن إنشاء هياكل تنظيمية مختلفة للتنظيم والإدارة والتشغيل.

لتجسيد مستويات التعاون الثلاث على الأرض، قام المكتب الفني الإقليمي لشرق النيل بتشغيل نماذج عدة على النظام الفرعي لعطبرة- تكزة (تيكيزي) الذي يشمل ثلاثة سدود: سد تيكيزي في أثيوبيا الذي يعمل لتلبية متطلبات الطاقة الكهرومائية؛ وسد أعالي عطبرة على مجرى تيكيزي عند التقاء نهري سيتيت وعطبرة؛ وسد خشم القربة بعد سد أعالي عطبرة ويزود مشروع ري حلفا الجديدة بالمياه.

كانت المنافع الإجمالية لكل من السودان وأثيوبيا أعلى من مستوى قبل التعاون.

وفي جميع مستويات التعاون المعتمدة في تشغيل السدود، كانت المنافع الإجمالية لكل من السودان وأثيوبيا أعلى من مستوى قبل التعاون. لذا فإنّ الوضع الحالي المتمثل في عدم التعاون يحرم كلا البلدين من منافع كثيرة، تصل من الناحية المالية فقط إلى ملايين الدولارات.

كانت هذه النمذجة طريقة ناجحة لوصف وإظهار المستويات المختلفة للتعاون والتنسيق في إدارة السدود المتتالية. لذلك فإن النظر إلى النيل الشرقي بِرُمَّته كنظام واحد مترابط هو خطوة جوهرية على طريق التعاون الكامل.