الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

على خليفة اتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان - هل يتوقع المواطن السوداني انفراجاً للأزمة المعيشية؟

آدم أبكر علي
الخرطوم - في ظل ترحيب وتفاؤل السلطات السودانية بالاتفاق بين السودان وجنوب السودان، يظل المواطن السوداني مرتابا بخصوص أي آثار اقتصادية إيجابية تساعده، في ظل الأزمات المعيشية التي يعاني منها.
25.04.2024
سوق ليبيا، الخرطوم، مارس 2013.
سوق ليبيا، الخرطوم، مارس 2013.

بعد توقيع اتفاق التعاون بين دولتي السودان وجنوب السودان، برزت على السطح روح التفاؤل وسط الجهات الرسمية، من أن هذا الاتفاق سوف يأتي بالخير على السودان وجنوب السودان، عبر تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين. هذا

ما جاء على لسان نائب مدير بنك السودان بدر الدين محمود، والذي اعتبر توقيع الاتفاق بين السودان وجنوب السودان نقطة تحول مهمة في إقتصاد البلدين، وسيكون لها أثر إيجابي على استقرار سعر الصرف، وسيؤدي إلى رفع قيمة العملة الوطنية.

روح التفاؤل التي انعكست عبر تصريحات المسؤولين في الدولة، نتيجة التوقيع على هذا الاتفاق توحي للمواطنين وكأن مشكلات السودان قد انتهت.

فرئيس الاتحاد لأصحاب العمل، سعود البرير، يرى أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى حراك اقتصادي ملحوظ. رفع قيمة العملة الوطنية وانخفاض سعر الدولار بصورة كبيرة سوف ينعكس إيجاباً على تقليل وخفض تكلفة الإنتاج، والذي بدوره يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع والخدمات، ليعود بالفائدة للمواطنين ويسهم في جذب المستثمرين ورؤس الأموال، حسب تقرير لموقع ’سودان تريبيون‘.

”الدولار حينزل رغم أنف أي إنسان“
عمر علي الأمين

لم يقتصر الأمر عند هذا الحد فقد قال رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان د. عمر علي الأمين في تصريح لوسائل الإعلام يوم الاربعاء27 مارس، أن زيادة جديدة في الأجور تنفذ في يونيو المقبل أو نهاية الميزانية الحالية، متوقعاً استمرار سعر الدولار في السوق الموازي وقال: ”الدولار حينزل رغم أنف أي إنسان“.

بالرغم من تفاؤل الجهات الرسمية، إلا أن المواطن السوداني مازال يرتاب في صدق التصريحات المتفائلة، وهو لا يرى انفراجاً يلوح في الأفق في القريب العاجل. ’النيلان‘ تجولت وسط المواطنين وسألتهم: هل يحقق إتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان مخرجاً للأزمة المعيشية الخانقة التي يعيشها المواطن؟ فكانت الإجابات التالية.

في موقف سوق ليبيا بمدينة أمدرمان، كان الحديث مع عدد من المواطنين، وكان أول المتحدثين المواطن عبد المنعم بدر الدين قال بأنه يعمل موظفاً بشركة للمقاولات. وبعد سماعه لسؤالي سألني: ”مع أي صحيفة تعمل؟“ أخبرته أنني أعمل مع موقع النيلان وليس مع صحيفة، فبدت عليه علامات الاطمئنان.

”أنا لا أتوقع أي انفراج للأزمة المعيشية لا اليوم ولا بالغد نتيجة للاتفاق الذي تم ما بين السودان وجنوب السودان“
عبد المنعم بدر الدين
بدأ عبد المنعم الحديث بشيء من الغضب قائلاً: ”أنا لا أتوقع أي انفراج للأزمة المعيشية لا اليوم ولا بالغد نتيجة للاتفاق الذي تم ما بين السودان وجنوب السودان“ ،مشيراً إلى أن ”الأسعار حينما ترتفع لا تنخفض“، وأوضح أن هذا يرجع الى عدم الرقابة على الأسواق في السودان.

أما عبد الجليل موسى، بائع خضروات، فأجاب على سؤال ’النيلان‘ وهو ينظر بطرفه على المارة عله يجد من يريد شراء الخضروات فيركز معي تارة وتارة على المارة.

قال موسى: ”يا أخي الوضع المعيشي الذي يعانيه المواطن هو وضع مزمن، لا يمكن له أن يتحسن بمجرد التوقيع على اتفاقية. تردي الأوضاع المعيشية كانت من قبل الانفصال ثم جاء الانفصال وذهب النفط الى الجنوب فتعمقت الأزمة“.

ويضيف: ”كان النفط في أيدي الدولة والأموال تصرف على الدستوريين والمسؤولين الكبار، أنا شخصياً لا أتوقع تحسناً في الأوضاع وسوف تظل الأزمة قائمة“.

”أتوقع أن تذهب المبالغ المتحصلة من عبور نفط الجنوب إلى دعم الآلة العسكرية في هذه المناطق ويبقى الحال كما هو عليه ضائقة تتبعها ضائقة“
زبيدة صالح
أما المواطنة زبيدة صالح، موظفة بالتأمينات، فلها رأي مخالف بعض الشي، حيث تقول أن ”الاتفاقية جيدة لأنها توفر الاستقرار للدولتين وتحفظ الأمن“. ولكن من الجانب الاقتصادي فلا ترى صالح أن الاتفاقية ستخفف من أزمة الأوضاع المعيشية في السودان، لأن ”السودان لديه مشاكل في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق“.

وأضافت صالح: ”أتوقع أن تذهب المبالغ المتحصلة من عبور نفط الجنوب إلى دعم الآلة العسكرية في هذه المناطق ويبقى الحال كما هو عليه ضائقة تتبعها ضائقة.“

التقت النيلان بعد ذلك مع المواطن آدم الزين جبريل، وهو شاب في ريعان شبابه قال بأنه كان مغترباً بدول الخليج، وأتى إلى السودان قبل سنة لكنه وجد الأوضاع لا تطاق بحسب قوله.

وبعد سماعه لسؤالي أجاب وكأنه يختزن الإجابة بداخله قائلاً: ”أصبحنا نسمع من المسؤولين بعد توقيع الاتفاق مع جنوب السودان عبارات مثل السودان يكسب من هذا الاتفاق 2 مليار دولار في السنة، وأن الأوضاع المعيشية سوف تتحسن، وأن الدولار قد فقد 30 في المئة من قيمته مقابل الجنيه. كل هذا الكلام لا يقنع المواطن السوداني لأن المواطن يعلم أن الذين يتلاعبون في الأسعار لا يوجد من يردعهم أو يقول لهم كفى.“

ويمضي آدم في الحديث قائلاً: ” يا أستاذ، قبل الانفصال كان كيلو اللحم 12 جنيه للبقري و14 جنيه للضأن، الآن 30 جنيه لكيلو البقري و60 لكيلو الضأن، مع العلم أن السودان لا يستورد اللحوم من الخارج بالدولار. هذا مثال بسيط“.

”لا أعتقد أن مواطناً عاقلاً في السودان يتوقع انفراجاً في الأزمة المعيشية نتيجة لهذا الاتفاق“
آدم الزين جبريل
واختتم آدم حديثه قائلا: ”لا أعتقد أن مواطناً عاقلاً في السودان يتوقع انفراجاً في الأزمة المعيشية نتيجة لهذا الاتفاق، أو غيره من الاتفاقات الأخرى.“

جولة ’النيلان‘ لم تنته بعد داخل سوق ليبيا فقط، بل شملت كذلك منطقة بحري وهذه المرة كان اللقاء مع مواطن سوداني، عبدون خالد، الذي يعمل جندياً بالجيش السوداني.

وأجاب خالد على سؤال ’النيلان‘ برحابة صدر قائلاً أن ”الإتفاقية سوف تحقق الاستقرار وتنزع فتيل الأزمات ما بين السودان وجنوب السودان، وهذه محمدة في حد ذاتها“.

ولكن خالد أضاف: ”لا أتوقع أن تحقق [الاتفاقية] إنفراجاً في الأزمة المعيشية، لأن المشاكل ما زالت كثيرة“، متسائلاً: ”هل يكفي المبلغ المتحصل من عبور النفط؟ لا أعتقد ذلك، الأزمة سوف تبقى على حالها.“

أجمع كل الذين التقاهم موقع ’النيلان‘ على أن الأزمة المعيشية سوف تظل رغم تفاؤل الحكومة والاقتصاديين، وما بين التفاؤل والارتياب خيط رفيع، سوف تفصح عنه الأيام القادمات.