الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

العربية أو الإنجليزية؟ معضلة اللغة في جنوب السودان

أبرهام داليانق ماكر
كمبالا - اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في جنوب السودان ولكن شوارعها تضج بالعربية والبلاد منقسمة بشأن اللغة التي ينبغي أن تسود.
25.04.2024
مارتن دينق، طالب بجامعة جوبا يتحدث للنيلان، 24 يناير.
مارتن دينق، طالب بجامعة جوبا يتحدث للنيلان، 24 يناير.

بعد استقلال جنوب السودان عام 2011، اعتمدت اللغة الإنجليزية لغة رسمية، على الرغم من أن اللغة العربية واللغات الإقليمية تهيمن على لغة التواصل الشخصي.

”جميع اللغات الأصلية لجنوب السودان هي لغات قومية ويجب احترامها وتطويرها وتعزيزها“ الدستور الانتقالي لعام 2011

أطلق الدستور الانتقالي لعام 2011 على الإنجليزية اسم "اللغة الرسمية العاملة" لكنه أضاف أن "جميع اللغات الأصلية لجنوب السودان هي لغات قومية ويجب احترامها وتطويرها وتعزيزها". ومع وجود نحو 64 قبيلة تتكلم لغات مختلفة، يبقى السؤال كيف سيجري تعزيز هذه اللغات وتطويرها.

وفي الوقت نفسه، من الناحية العملية، لا تزال الإنجليزية بعيدة جداً عن كونها اللغة الرسمية العاملة، لأسباب ليس أقلها أن أغلبية أعضاء الحكومة درسوا باللغة العربية في الخرطوم.

وما يزيد من تعقيد هذا المزيج اللغوي أن هناك لغة أخرى سائدة تسمى "عربية جوبا"، وهي شكل من عامية عربية مبسطة، تستخدم للتفاعل الاجتماعي. لكن استخدام هذه اللغة يختلف محلياً. ففي المقاطعات الثمانية لولاية البحيرات، على سبيل المثال، لا يستطيع الجميع التحدث بعربية جوبا بينما الجميع تقريباً في الاستوائية الكبرى يستطيعون التحدث بهذه اللغة وفهمها.

أتيم ياك أتيم، نائب وزير الاعلام في جنوب السودان، عند افتتاح ندوة إعلام ومنتجون: جوبا 2012، 10 ديسمبر 2012.
© النيلان | دومينك لينرت

ويشكل افتقار جنوب السودان إلى لغة واحدة موحدة تحدياً كبيراً لإعلامها الوليد. ويحتار الإعلاميون بخصوص أي اللغات الثلاث يجب استخدامها للوصول إلى سكان الريف، وهي مشكلة يفاقمها معدل أمية في الريف من أعلى المعدلات في العالم: واحد فقط من كل أربعة أشخاص قادر على القراءة.

قال نائب وزير الإعلام أتيم ياك أتيم أثناء حفل افتتاح مؤتمر الإعلام وصناع القرار لمنظمة الإعلام عبر التعاون وفي التحول الذي عقد في جوبا في 10 ديسمبر 2012 إن "الراديو أفضل وسيط يمكننا استخدامه للوصول إلى سكان الريف الذين لا يعرفون القراءة والكتابة. نحن نعمل بجد كحكومة للتأكد أن الناس يستمعون إلى لغتهم المحلية في محطات إذاعة محلية.

وقال إن الكثير من سكان الريف لا يستطيعون قراءة الصحف بسبب الأمية والفقر ويمنعهم عدم وجود الكهرباء من امتلاك أجهزة التلفزيون. واستشهد بمثال ولاية البحيرات حيث توجد محطة إذاعة محلية FM 98 في بلدة رومبيك تستخدم لغة الدينكا للوصول إلى أكبر عدد من السكان في ولاية البحيرات التي تتحدث هذه اللغة. واقترح أن تفعل ولايات أخرى الشيء نفسه للتواصل مع السكان المحليين.

وتنعكس مسألة اللغة هذه أيضاً في جامعات البلاد. فأولئك الذين درسوا العربية في الخرطوم والتحقوا بالجامعات في جنوب السودان بعد الاستقلال لا يرغبون بتبديل اللغة.

قال مارتن دينق، وهو طالب من جامعة جوبا يدرس الطب: "أحياناً نرسب في الامتحانات لأننا لا نستطيع ترجمة الأسئلة بوضوح". وقد درس دينغ باللغة العربية في الخرطوم والتحق بجامعة جوبا بعد الاستفتاء.

"أحياناً نرسب في الامتحانات لأننا لا نستطيع ترجمة الأسئلة بوضوح"
مارتن دينق
ويحاول دينق تحسين لغته الانجليزية بحضور دورات إضافية في اللغة: "سنلحق بالركب إذا نمينا الحماس في اللغة الإنجليزية إذ ليس هناك مخرج لأنها لغة رسمية".

ومع ذلك، لم يرحب جميع الطلاب بوجود لغة جديدة في الجامعة. فوفقاً لتقارير صحفية نشرت على مرايا أف أم، احتج الطلاب على إعطاء المحاضرات باللغة الإنجليزية، بحجة أنهم لا يستطيعون الفهم. وبعد عشرة أيام، كان هناك احتجاج آخر قام به طلاب من جامعة بحر الغزال في واو.

وروى خبر على موقع قورتونق على الإنترنت في عام 2012 بأن طلاب الإنجليزية والعربية اختلفوا على اللغتين، حيث ادعت كل مجموعة أن لغتها هي التي ينبغي استخدامها في المحاضرات. ويستخدم الطلاب في الحرم الجامعي عموماً اللغة العربية للتفاعل الاجتماعي وحتى في إجراء المسيرات السياسية. أما الإنجليزية، فيقتصر استخدامها على قاعات المحاضرات.


ناتانيا بايا، رئيس قسم اللغة الآنجليزية في جامعة جوبا، 24 يناير.
© النيلان | أبراهام داليانق ماكر

وقال نتانيا بايا، رئيس قسم اللغة الإنجليزية في جامعة جوبا إنهم يحاولون جاهدين قدر الإمكان التأكد أن الطلاب الذين درسوا باللغة العربية يستطيعون استخدام النظام. وأضافت: "بسطنا اللغة لكي يفهم طلاب العربية أسئلة الامتحانات، ونساعدهم أيضاً على فهم المحاضرات عن طريق التحول بين اللغتين.

وحث بايا طلاب العلوم على استخدام اللغة الإنجليزية قائلاً: "تدرس العلوم باللغة الإنجليزية في جميع أنحاء العالم حتى في البلدان الناطقة بالعربية". وأضاف أن الجامعة تدير برنامجاً يسمى الإنجليزية لغرض محدد، وهذا البرنامج مصمم لمساعدة طلاب العربية على تعلم المصطلحات الأساسية المتعلقة بالمهنة التي يسعون إليها.

ولا يزال لدى جنوب السودان طريق طويل في عملية تطوير لغة واحدة للاستخدام الرسمي، وذلك إلى حد كبير بسبب تنوعه القبلي ومسألة إدماج العائدين من الشمال. ويكافح الإعلام أيضاً للتأقلم، والخدمات المحلية هي الأنسب لسكان الريف المتنوعين لغوياً.