الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

وساطة الاتحاد الأوروبي في السودان: سياسة حياد أو نفي للتهمة؟

آدم محمد أحمد
الخرطوم - وساطة الاتحاد الاوروبي لحل لانزاعات بين الحكومة السودانية من جهة والمعارضة والحركات المسلحة من جهة أخرى يمكن أن تقرأ بطرق مختلفة، خصوصا بعد اتهام المؤتمر الوطني للاتحاد بدعم المعارضة.
25.04.2024
قيادات من الجبهة الثورية وقوي الاجماع بعد توقيع عبد العزيز خالد، رئيس حزب التحالف الوطني السوداني على الميثاق في كمبالا، 10 يناير.
قيادات من الجبهة الثورية وقوي الاجماع بعد توقيع عبد العزيز خالد، رئيس حزب التحالف الوطني السوداني على الميثاق في كمبالا، 10 يناير.

وساطة الاتحاد الأوروبي تبدو أمرا عاديا ما لم تم النظر إليها في ضوء تزامنها مع اتهام المؤتمر الوطني له بتوفير الدعم والتمويل المباشر للمعارضة بشقيها لإخراج وثيقة الفجر الجديد بالعاصمة الأوغندية كمبالا.

ولكن بذات القدر، فان الرغبة التي أبداها الاتحاد الأوروبي للتوسط بين الحكومة السودانية ومعارضيها والتي دعا فيها الطرفان إلى إبداء مزيد من المرونة للتوصل إلى تفاهمات، يمكن وضعها بحسب مراقبين في سياقات وقراءات متعددة، أبرزها الإطار الذي جاءت فيه الخطوة، أي على خلفية التهمة المشار إليها.

وهذا بدوره بحسب مراقبين يظهر إشارات لكون الأوروبيين كأنما يحاولون نفي التهمة، أو مناقشتها بطريقة أخرى لا تخلو من الاستثمارات السياسية.

”المبادرة هي محاولة قد لا يكونون - أي الاتحاد - صادقين وجادين فيها، لكنها محاولة للقول ان الاتحاد الأوروبي في وضع حياد أكثر منه تحيز“.
علي الساعوري
ووفقا للمحلل السياسي د. حاج حمد، فهذه ”تعتبر دبلوماسية ذكية من الاتحاد الأوروبي، من واقع أن المؤسسات الدولية الكبيرة دائما تستبق الأزمة. وهذا واضح لان الاتحاد الأوروبي في وقت سابق قدم دعما ما يقارب الثمانين مليون دولار للسودان ودولة جنوب السودان معا“.

فيما يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين بروفيسور علي الساعوري إن ”المبادرة هي محاولة قد لا يكونون - أي الاتحاد - صادقين وجادين فيها، لكنها محاولة للقول ان الاتحاد الأوروبي في وضع حياد أكثر منه تحيز“.

وأضاف الساعوري: ”في تقديري هو رد على الاتهام، فالحكومة لا تحتاج إلى وساطة بينها والمعارضة لان الطرفين هم موجودان في السودان.“

 بالطبع أن ما خلفته وثيقة الفجر الجديد من اثر كان كبيرا على الصعيد السياسي، سيما ردود الفعل التي وصفت بالعنيفة من جانب الحكومة والتهديد بالوعيد لمن وقعوا.

أضف الى ذلك الخلافات التي ظهرت بين المشاركين أنفسهم على سبيل تنصل بعض الأحزاب من الوثيقة ونفيها الصريح لأي موافقة بالتوقيع عليها.

هذه النقاط مجملة ربما كانت مؤشرا لخلق وضع جديد في السودان، اذا ما انتهز المؤتمر الوطني الفرصة بإزالة جبل الجليد هذا، وتغيير دفة المركبة ناحية شواطئه التي بدت خالية من المرسى الآمن بالنسبة للمعارضة، وتشكيل تيار عريض يدعم موقفه.

”في تقديري أن المبادرة إن صحت هي محاولة من الغربيين لتدارك الأمر“
عمر عبد العزيز
وهنا ربما أن خطوة الاتحاد الأوروبي لا تخرج من كونها محاولة لإيقاف هذه الفرضيات والعودة بالحالة السودانية إلى ما قبل ’الوثيقة‘، والتي اتسمت بالشد والجذب وتباعد المواقف.

هذا رأي يؤكده أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري د. عمر عبد العزيز الذي يقول: ”في تقديري أن المبادرة إن صحت هي محاولة من الغربيين لتدارك الأمر، لانه واضح أن الوثيقة أحدثت مفاصلة كبيرة في صفوف المعارضة، بعد رفضها من الأحزاب الكبيرة كحزب الأمة والشعبي.“

ويضيف عمر أنه إذا أحسن المؤتمر الوطني إدارة هذه الأزمة فانها ستؤدي إلى تكوين إجماع آخر قد لا يرضاه الغرب، بالتالي ”اعتقد أن هذه المبادرة والنوايا مقصود منها إعادة الأمور إلى ما قبل وثيقة الفجر الجديد والتي كان فيها تعاطف كبير تجاه الجبهة الثورية وقوى المعارضة لكونهم يتبنون قضايا الهامش والقضايا الوطنية، وهو ما تغير بعد الوثيقة التي جعلت الكثيرين ينظرون اليهم باعتبارهم يريدون أن يقسموا السودان ويغيروا تركيبته وهويته“.

رد الاتحاد
 
بيد أن هناك من يسوق التحليلات الى محطات أخري، يري من خلالها أن الخطوة الأوروبية هذه ربما جاءت امتدادا لاستراتيجية متصلة، تهدف إلى تحريك ساكن المياه فيما يتعلق بالتوافق السوداني حول القضايا محل النزاع والصراع بين المكونات الداخلية.

الاتحاد ليس لديه أي أجندة خاصة في السودان، ويدعم الجهود السياسية لمجابهة التحديات\".
كوين برفاك
وينظر هؤلاء إلى أن وثيقة كمبال اما هي إلا إحدى الأدوات المقصود من خلالها إثارة الاستكانة وتوجيهها نحو الحوار بين الحكومة ومعارضيها.

وهذا الأمر إلى حد ما صحيح بالنظر إلى الحراك الذي بدأه ممثلو الاتحاد الأوروبي الذين التقوا بالنائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه، الى جانب د.أمين حسن عمر، وزير الدولة برئاسة الجمهورية.

مدير الإدارة الإفريقية بالاتحاد الأوروبي كوين برفاك نفي صلتهم بدعم الفجر الجديد، قائلا أن لقاءه بطه ”بحث قضايا الدستور ومشاركة الأحزاب السياسية في الحوار\"، وأشار إلى \"أن الاتحاد ليس لديه أي أجندة خاصة في السودان، ويدعم الجهود السياسية لمجابهة التحديات\".

وما قاله كوين تبدو هي ذات العبارات التي أكدها د. أمين حسن عمر الذي قال ان ”الاتحاد الأوروبي أعلن أنه مع قضايا السلام والحوار والحلول ويطالب بالمزيد من المرونة بين الأطراف\".

تاريخ الاتحاد والسودان


الغربيون موجودون في قضايا السودان بكثرة، أو هكذا تبين المعطيات الآنية منها والقديمة.

فالاتحاد الأوروبي بصفته منظومة دولية فاعلة ظل منغمسا في الشأن السوداني منذ نيفاشا وحتى الآن.وبالتالي ينظر المراقب لهذه للخطوة الأوروبية من باب تأكيد الدور الموجود، وقد يكون فيه قدر من الموضوعية، فأمين حسن عمر يقول أن ”الاتحاد الأوروبي كان له دور في محادثات أديس أبابا بين السودان ودولة جنوب السودان لأنه يقوم بتقديم المساعدة للوساطة الإفريقية لتقريب وجهات النظر“.

ويقول المحلل السياسي بروفيسور الطيب زين العابدين إن ”الاتحاد الأوروبي كان متدخلا في الشأن السوداني منذ اتفاقية نيفاشا، بقوة، والحكومة قبلت بهذا الأمر. وعدد من الدول الغربية لديها مبعوثون وهؤلاء مهمتهم هي محاولة تسهيل اتفاقية بين الحكومة والحركات المتمردة“.

“نحن لدينا سقف محدد لا نقبل أي تراجع عنه، هو أن تقبل هذه الحكومة بوضع انتقالي كامل فإذا استطاع الاتحاد الأوروبي بالضغط عليها لقبول ذلك فنحن لا مانع لدينا“.
كمال عمر كمال
ويضيف: ”في تقديري أن هذه الدول قالت بصراحة إنها لا تريد إسقاط الحكومة بالقوة، لان هذا لا يتسق مع مصالحهم، وهم يعلمون بان ذهاب هذه الحكومة بالطريقة تلك يمكن أن يجعل من هذه البلاد مكانا لجهات أخرى لا تريدها أمريكا والغرب، والدليل على ذلك أن الأمريكان ضغطوا على دولة الجنوب لدفع تعويضات بعد الانفصال“.

وينوه الطيب إلى ”أن هناك فرقا بين الثقافة السياسية في الغرب والثقافة السياسية عندنا، لكون أن الغرب لديه مؤسسات ومبادئ واستراتيجيات بعيدة المدي ولديه برلمانات قوية ومسئولة ولا يمكن أن تغش عليها الحكومات او تكذب عليها مثلما يحدث في العالم الثالث، وبالتالي اعتقد عندما يقول الغرب بأنه يريد السلام والاستقرار في السودان فانه كلام معقول“.

أما الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي عضو هيئة تحالف المعارضة كمال عمر كمال فلا يرى دور الاتحاد الأوروبي في السودان غريبا، لانه لعب دور الوسيط، مضيفا: ”ليست لدينا مشكلة مع الاتحاد الأوروبي. لكن نحن لدينا سقف محدد لا نقبل أي تراجع عنه، هو أن تقبل هذه الحكومة بوضع انتقالي كامل فإذا استطاع الاتحاد الأوروبي بالضغط عليها لقبول ذلك فنحن لا مانع لدينا“.