الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

مطرف صديق: صفحة الحرب انطوت ونحن الآن في صفحة جديدة (الجزء الثاني)

أتيم سايمون مبيور
جوبا - في هذا الحوار، يتطرق سفير السودان لدى جنوب السودان مطرف صديق لعدد من القضايا التي ربطت ولا تزال تربط البلدين..
25.04.2024
مطرف صديق، سفير السودان لدى جنوب السودان، أثناء الحوار، 19 أكتوبر.
مطرف صديق، سفير السودان لدى جنوب السودان، أثناء الحوار، 19 أكتوبر.

الطبيب مطرف صديق على النميري، عضو الوفد السوداني في المفاوضات وسفير دولة السودان لدى جنوب السودان. سيرته الذاتية تدفعك إلى الاستنتاج بان الخرطوم دفعت بشخص من العيار الثقيل ممسكك بكافة الملفات وله تاريخ طويل منذ مفاوضات أبوجا وحتى الآن ليكون ممثلا دبلوماسيا لجمهورية السودان. الكثير من الآراء والكتابات والتحليلات اختلفت حوله وطبيعة مهامه هنا.فإلى مضابطه التي هدفت إلى مناقشة بعض الملفات معه بشكل عام.

س: في التصور العام لوزارة الخارجية السودانية، كيف يتم النظر للعلاقات مع جنوب السودان؟

ج: في تقديري أن التصور ليس لجنوب السودان وإنما للدولتين. وفي هذا قد نتفق ونختلف فيه. أهم دولة للسودان هي جنوب السودان لعدد من السنين تأتي، وبنفس القدر لجنوب السودان، وقد تطول السنين وتقصر لأسباب عديدة أولها دعني أقول العامل السياسي فنحن بيننا اتفاقات وأنها أشبه بالمعاهدات لم تكتمل بعد وبالتالى نحن ملزمون باستمرار التعاون والحوار لاستكمال القضايا الاستراتيجية بيننا.

أمنيا هنالك قضايا ما زالت حساسة ومشتركة للسودان وجنوب السودان تحتاج إلى العمل. ونحن اتفقنا من خلال هذا الاتفاق على ترتيبات أمنية تقتضى أن نكون مع بعضنا البعض وهي ترتيبات لن أقول بأنها مسبوقة ولكننا نقول بأنها ترتيبات خاصة ليس مع جنوب السودان مع بعض دول الجوار وهي المنطقة العازلة منزوعة السلاح تمتد على ما يزيد الفين كيلو متر بمعنى أربعين ألف كيلو متر منطقة منزوعة السلاح تساوي مساحة دولة في العالم لها آليات تضم أهم الوزارات في البلدين الدفاع والداخلية والخارجية والاجهزة الامنية في البلدين يعني جزء من الاهتمام الكبير لقطاع الدولة منصب حول المنطقة ، حتى نقلل من الاحتكاك ونزيل الشبوهات العالقة في الاذهان أو الموجودة على أرض الواقع.

”الفن الشمالي الذي نتحدث عنه نواة مَن طوّروه من جنوب السودان، فهو ملك لجنوب السودان والسودان“هنالك أكبر حركة بين الدولتين هي ما بين السودان وجنوب السودان أو العكس يعنى في السودان مئات الألوف من الأخوة من جنوب السودان الآن موجودون وسيظلون موجودين وهذا العدد سينخفض ويرتفع بقدر الحرية المتاحة بين البلدين.

نفس الشيء يحدث من السودان الى جنوب السودان. هنالك قبائل اعتادت منذ القرون العبور إلى جنوب السودان بكافة المواشي وهي لن تتوقف وستستمر مثل حركة الحياة البرية التي نراها بين تنزانيا وكينيا، وهي لن تحدها الحدود السياسية مع فارق التشبيه حتى لا يقال بأننا نشبّه الناس بالحيوانات (ضاحكا).

هذا الشريط يضم تقريبا ثلث السكان بين البلدين حيث أن خمس ولايات من الجنوب تلامس لهذا الشريط والثروة الأساسية لجنوب السودان حقول البترول متلامسة أيضا لهذا الشريط، كذلك نهر النيل فتلك كلها قواسم مشتركة بالإضافة الى حركة التجارة حيث أن هنالك تكامل تجاري ما بين الولايات الحدودية.

وهنالك العامل الثقافي بالرغم من أن هنالك من يريدون التباعد بين هذين العاملين وتقليل أثره فأنا اعتقد أن هذا العامل كبير ومهم، ولا نستطيع أن ننكر أن هنالك عوامل ثقافية مشتركة مثل ثقافة الأكل واللغة وخلافها.

حتى الفن بيننا مشترك، فالفن الشمالي الذي نتحدث عنه نواة مَن طوّروه من جنوب السودان، فهو ملك لجنوب السودان والسودان لأن من وضعوا لبناته هم مِن جنوب السودان فالمارشات العسكرية السودانية أسسه جنوبيون كانوا سودانيون.

حتى اسم الدولة الجديدة جنوب السودان لم يختار اسما آخرا فاختار أن يكون جنوب السودان. أليس هذا دليل؟ كان بالأماكن أن تكون جمهورية الاماتونج مثالا، لأن اختيار هذا الاسم لأنه هنالك إحساس بالاشتراك في هذا الإرث، وهذا يعنى أنه لدينا حضارة مشتركة فيما بيننا.

س: اذن سعادة السفير متى ستنقضون هذا الاتفاق؟

ج: الخرطوم التزامها عالي جدا بكل الاتفاقيات وأصعب مثال والذي كان الناس متشككين فيه هو الالتزام بتنفيذ الاستفتاء وأنا كنت شاهدا على هذه المرحلة وكما أذكر في شهر ديسمبر من العام 2010، ذهبت وبالمقابل الأخ باقان أموم من الجنوب إلى مجلس الأمن وكانت هنالك أصوات متشككة حول قيام الاستفتاء في وقت مثل الكلام الذي تقوله لكنني أكدت والأخ باقان أكد أيضا بأن الاستفتاء سيقوم وسيكون سلميا.

س: ولكنكم رهنتم قيام استفتاء جنوب السودان بعدم قيام استفتاء أبيي؟

ج: هذا موضوع آخر ومختلف جدا وهنا الحديث حوله يطول. أنا أرى أن هنالك كلام كثير حول أبيي ولا أقول أن الجميع ينظرون في جانب واحد من الصورة ويجب النظر إليها في كل الجوانب.

في أبيي يوجد برتكول يحكمها وتحدث بوضوح عن وجود مجتمعين وترتيبات إدارية ومالية وسياسية وتنفيذية أخرى متعلقة بتحديد المنطقة هذه الترتيبات التعطيل لا يلام فيه الخرطوم لوحدها. هنالك لوم مشترك في كثير من الأشياء، وهذا الحديث نتركه لوقته وفي حوار لاحق.

دعنا نركز في الاتفاق وتنفيذه، وهذا الأمر الآن في يد الآلية المشتركة لتواصل النقاش حولها وطرح خيارتها وقد قدم الاتحاد الإفريقي عددا من المقترحات بما فيها خيار الاستفتاء ليتسنى للطرفين اختيار الخيار الأمثل لهما وستتم مواصلة النقاش فيه سواء في أديس أبابا أو مكان آخر يحدده الاتحاد الإفريقي ونحن مستعدون لمواصلة الحوار في هذا الأمر، وهذا الاتفاق جاء ليصمد وفي تقديرنا على مصادقة البرلمان مع تحفظ شخصين هو دليل على التزام الجانب السوداني.

س: في التصور الذهني لمواطني جنوب السودان أن الخرطوم لن تلتزم بهذا الاتفاق. ماذا ستقدمون من أجل تغيير تلك الصورة الذهنية؟

ج: تطبيق الاتفاق ليس مسؤولية طرف واحد فهو يقع على الطرفين كل على حد سواء. ودعني أقول لك مدى جدية الخرطوم في تنفيذ الاتفاق: قبل إجازة هذا الاتفاق الرئيس البشير وجه في حضوري وأنا عبرت عن هذا الكلام، وجه بفتح الحدود فورا لتصدير الذرة للمناطق المحتاجة في شمال جنوب السودان. ولكي يتم تنفيذ هذا الأمر، السيد وزير الدفاع دعا الى اجتماع في الخرطوم لأن الآلية المناط بها تنفيذ فتح المعابر هي ما يسمى بالآلية السياسية الأمنية المشتركة لوضع هذه الإجراءات موضع التنفيذ.

ولكن إخوتنا في الجنوب قالوا لا لحين إجازة الاتفاق في البرلمان لعقد هذه الاجتماعات. هذا لأريك مستوى جدية حكومة السودان. هنالك هجوم على الحكومة السودانية من قبل الإعلام لتسرعها في تنفيذ الاتفاق.

”بحكم فترة التفاوض ربطتني علاقات صداقة مع الأخ سلفاكير ميارديت ونائبه الأخ رياك مشار ومعظم الوزراء“

حكومة السودان أعطت الكثير من الإشارات في حسن نيتها وجديتها في تنفيذ الاتفاق ونحن نعتقد أن إجازة برلمان جنوب السودان لهذا الاتفاق ان تقابلها خطوات مماثلة وأن نجتمع الآليات فورا. الأخ استيفن ضيو والأخ سلفا مطوك ذهبوا الى فلوج وتحدثوا عن ترتيبات لإعادة إنتاج النفط، وهذه كلها خطوات لن تنتظر الإجازة وبدأنا التطبيق لإشعاركم بحسن نيتنا وجديتنا في تطبيق هذه الاتفاقيات.
 
أعتقد ان تنفيذه لا أقول سهل التطبيق فهنالك صعوبات وهنالك قرارات جريئة يجب أن تتخذ من الجانبين، فلا يمكن أن أقول بأنه لدي ارتباط تاريخي مع قطاع الشمال ولا استطيع نزع سلاحه وإيوائه في جوبا أو تقديم الدعم للجبهة السودانية، ما دمنا قد اتفقنا على الملأ وأمام العالم يجب أن تكون لدينا في تنفيذ الاتفاق، ونفس الشيء ينطبق علينا لذا هذا الاتفاق فيه ثنائية الالتزامات ليس هنالك التزام على طرف مقابل الآخر.

عليكم كصحافة النظر إلى الأمر من منظور متوازن وسنلتزم وأنا مقتنع جدا بان حكومة الجنوب ستلتزم لأن ما سمعته من حديث السيد سلفاكير من جدية في تنفيذ الاتفاق يدعني أطمئن. والشرح الأمين الذي قدمه الأخ باقان أموم ومايكل مكوي للجمهور حول بنود الاتفاق كلها إشارات مطمئنة وما قدمناه نحن في الخرطوم من شرح للاتفاق في تقديري يضع أرضية طيبة للطرفين في الالتزام بما تم التوقيع عليه.

س: ولكن الى أين سيتجه مسار التفاوض في تلك القضايا؟


ج: هذه القضايا كلها قيّد النظر من قبل الآلية الأفريقية رفيعة المستوى. ورأينا في الإعلام أنها قدمت الدعوة للطرفين للحضور إلى أديس أبابا لمواصلة النقاش حول مقترحاتها حول أبيي والحدود. والآن اللجنة ستجتمع لإجازة الإطار المرجعي حولها، ولكن البقية لم تنتظر حتى الفراغ من بعض القضايا بمعنى أننا لن ننتظر تصدير النفط وخلافه بل نأمل في أن يسير تنفيذ الاتفاق في مساره والذي بنفسه سيساهم في التسريع والانتهاء من بقية القضايا العالقة.

”جنوب السودان يخسر يوميا مبلغ كبير جدا بفعل وقف تصدير النفط على حساب المواطن“هنالك تكامل وترابط في تقديري يمكن ان يكون موجباً. جنوب السودان يخسر يوميا مبلغ كبير جدا بفعل وقف تصدير النفط على حساب المواطن في جنوب السودان ، فالخاسر في هذه الحالة هو المواطن المسكين الذي يحتاج في هذه الحالة إلى غذاء، علاج، تعليم وأشياء كثيرة جدا فقدها بفعل التطورات السالبة في العلاقة بين البلدين.

س: مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة وزع الأسبوع الماضي بحسب صحيفة الشرق القطرية مسودة مقترح يساند تقسيم منطقة أبيي هل تمثل تلك الخطوة الموقف الرسمي للحكومة السودانية؟

ج: لم تأتينا نسخة منها ولكن هي واحدة من الخيارات الستة التي اقترحها الاتحاد الافريقي عبر اللجنة الرفيعة المستوى.

س: الى أين تتجه دفة الحوار بينكم والحركة الشعبية - قطاع الشمال؟

ج: الدعوة الآن أتت إلى الطرفين وطرفنا الآن جاهز لمواصلة النقاش في أديس أبابا حول المقترح المقدم لمعالجة قضية المنطقتين.

س: لدينا سؤال شخصي هنا يتعلق بمدى صلة العلاقة بينك وبين أعضاء وفد جنوب السودان المفاوض؟

ج: بحكم فترة التفاوض ربطتني علاقات صداقة مع الأخ سلفاكير ميارديت ونائبه الأخ رياك مشار ومعظم الوزراء حتى الذين عملوا في الخدمة المدنية هم بالنسبة لي أصدقاء بحكم المسيرة الكبيرة في ملف السلام. بمعنى أنه يوجد رصيد جيد من العلاقات إن شاء الله يساعدني ويساعد أخوتي في توظيفه لمصلحة تحقيق التطور السلمي بين البلدين.

س: الى أي مرحلة وصلت تلك العلاقات؟

ج: والله لا أقول أنها وصلت إلى درجة محددة ولكن مثلا تأخذ فترات طويلة تمتد لأشهر في التفاوض ونحن على صلة لصيقة مع بعضنا البعض، بحيث أنني أستطيع أن أفهم أخوتي وهم أيضا يستطيعون فهمي جدا. وليس بالضرورة أن تكون لهذه العلاقة أبعاد شخصية، لكن يمكن أن تقول أن بها أبعاد مهنية.

وكنا متقابلين ضمن وفود التفاوض، بعضهم عملنا معهم فالأخ دينق ألور كان وزيرا في وزارة الخارجية وكذلك الأخ جوزيف لوال آشويل وزيرا في وزارة الشؤون الإنسانية، والأخ إلياس نيامليل والأخت غريس في الخارجية كذلك.

س: من تستمع من فناني جنوب السودان؟


ج: أقول لكم بكل صراحة أنا اعتقد أن أساس الفن والموسيقى في السودان جنوبية، وهذا إحساس وهو الواقع. وأنا أستمتع بكل نغمة إفريقية من السنغال الى اثيوبيا والصومال.

س: تحديدا لمن تستمع هنا؟

ج: هنا ليس لدي فنان محدد مثل أنه ليس لدي فنان محدد في السودان. واستمع لكل الفن بلا تمييز خصوصا ونحن جيل لم يوجد لنفسه مساحة كبيرة للاستمتاع بحياته ، فنحن انشغلنا بالعمل العام لفترة طويلة. مثلا آخر مباراة شاهدتها في السودان داخل الاستاد كان في العام 1974. ولا أذهب إلى حفلة ولكني استمتع بحفلة في ثنايا عرس.

س: ما الشخصية التي تأثرت بها أو أعجبت بها قي جنوب السودان؟

ج: كثيرا جدا هي الشخصيات ولفترة طويلة كنا لصيقين جدا بالراحل الدكتور جون قرنق. مسيرة حياته جزء منها، لم نسمعها منه مباشرة لكن سمعناها من الأخ على عثمان محمد طه ، فهم تعمقوا في تفاصيل حياتهم. ونقلا عن الاستاذ على عثمان استمعنا لكل السيرة الذاتية للدكتور جون قرنق من قريته حتى التحاقه بالتمرد والجيش وخروجه من السودان إلى أمريكا وعودته وتشكيله للحركة الشعبية.

”الدكتور جون قرنق قاوم قي سبيل الوحدة فمثلا كان يقول لنا أننا دعمنا الانفصاليين“

وحقيقة إحساسنا بأن كانت له رؤية حقيقة للسودان ككل وليس جنوب السودان يعني برنامجه الوحدة وقاوم قي سبيل الوحدة فمثلا كان يقول لنا أننا دعمنا الانفصاليين (ضاحكا). يعني حسينا بالألم بأن البذرة والثمرة التي زرعها لم يشهد قطافها ولكن من بعده سار الناس على نهجه.

وأنا كذلك معجب بالطريقة التي يتحدث بها الأخ جيمس واني ايقا رئيس البرلمان بالرغم من أنه ليست لي علاقة شخصية معه، وهو شخص عندما تستمع إليه يجيد الفكاهة ويمتلك لغة جميلة.

س: ما هي أكثر المواقف التي مرت بك اثناء التفاوض سواء كانت محزنة أو مفرحة؟

ج: تردد كثيرا في الإجابة عن هذا السؤال ثم قال: تصعب الإجابة عن هذا السؤال لأنني غير مهيأ له ولأول مرة أجد نفسي في حوار تعريفي.

أنا تأثرت جدا بعد التوقيع على اتفاق ميشاكوس والتي وقعنا فيه أول بروتوكول في اتفاقية السلام الشامل، حيث شهدنا نكسة ما كان فيها داعي. فبعد التوقيع على الاتفاق، قامت الحركة الشعبية بهاجمة مدينة توريت واحتلتها وعطلت التفاوض لعدد من الشهور حتى استطعنا العودة مرة أخرى إلى طاولة التفاوض.

وللأسف حصدت فيه أرواح كثيرة وتعطل المسار السلمي الذى كنا نطمح إليه لفترة وكانت هذه واحدة من النكسات. وفي ذلك الوقت شكل البروتوكول نقلة كبيرة صراحة حيث تم الإقرار على المبادئ الأساسية من شكل الدولة وغيرها. ولو كنا انتهينا من بروتوكول ميشاكوس من غير أي تفاصيل ففي تقديري كانت ستمثل رصيدا يمكن العمل فيه.

وتلك الواقعة من الأشياء التي لا يمكن للإنسان أن ينساها، وكيف أننا لم نستوعب هذا الموقف ولماذا وحتى أننا لم نجد استفسارات أو إجابات في وقتها. بعد لقاءات مع الدكتور جون قرنق رغم أنه لم يصرح بشيء ولكنه أشار إلى أن هذا القرار لم يكن موحدا لدى الحركة وتخص مجموعة محددة. وقد اختزلت تلك الحادثة عددا من السنين وعطلت التفاوض من العام 2002 حتى التوقيع النهائي الذي كان في العام 2005.

س: ما أكثر الوصايا التي قيلت لك وأنت قادم الى جوبا سواء من القيادة السياسية أو من أفراد أسرتك؟

ج: القيادة السياسية وصيتها الوحيدة هي ما قالها الرئيس البشير بأنه يريد أن يجعل من هذا الانفصال انفصالا سياسيا ويريد أن يقوي كافة العلاقات بين الشمال والجنوب، بمعنى أننا ضحينا عندما حاربنا من أجل السلام ولا نريد أن نفقد هذا السلام مرة أخرى.

صحيح من الأهل والأصدقاء هنالك من يشفق لأنه يستمع إلى بعض الإعلام المضلل في بلادنا الذين يتحدثون وكأن هذا الجنوب يعيش في فوضى وصراعات وما شابه ذلك. أنا أتيت الى الجنوب مرات كثيرة بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل.

”أنا أثق في حسن تقدير الناس لاستضافة الرسل، فأنا رسول من بلدي لبلدكم“

صحيح أنها ليست عاصمة آمنة مائة في المائة ولكن هذا الحال كذلك في الخرطوم، فما يحدث في جوبا يحدث في الخرطوم، وحتى في العواصم الكبيرة مثل نيويورك ولندن. الأحداث تضخم مقارنة مع الواقع. لم أكن خائفا بل كنت مطمئنا وكذا حال أسرتي. وأنا أثق في حسن تقدير الناس لاستضافة الرسل، فأنا رسول من بلدي لبلدكم.

منذ مجيئي رأيت أن جوبا تتمدد، فآخر مرة كانت حدود المدينة مع جبل كجور ولكنها الآن امتدت حتى سكة ياي، والطرق زائدة. حتى الحديث حول الندرة في السلع وجدتها مجرد كلام ساكت، فالمنزل الذي أقيم فيه بجواره ثلاثة بقالات. أنا آكل فيه وكأنني أقيم في الخرطوم وكنت قد تناولت في الغداء بامية وسلطة الأسود.

س: ألن يتعارض عملك ضمن الوفد الحكومي على مهامك الدبلوماسي؟

ج: يوجد هنالك تكامل ولا تعارض بينهما لأن أي نجاح هنالك يمثل نجاحا لي هنا وكذلك الحال بالنسبة للإخفاق، لذلك بحكم وضعي فأنا أحرص على النجاح، الآن ليست في مرحلة التجريب ولكنني في عمر النضوج وقد بلغت الستين عاما فبالتالي ينبغي أن يكون الشخص حكيما، فأنا أيضا مناط بي تنفيذ ومتابعة تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه، والمهمة زادت والسعة في استيعاب كل الملفات يجب أن تزيد كذلك وهذا يشكل تحدي بالنسبة لنا.