الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

اتفاق أديس الأخير: هل يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجنوب والشمال؟

أتيم سايمون مبيور
جوبا - استطاعت القمة الأخيرة التي عقدها رئيسي جنوب السودان وجمهورية السودان ان تضع ملامح جديدة للسياسات التي من شأنها أن تحكم البلدين خلال الفترة القادمة.
25.04.2024
الرئيسان عمر البشير وسلفاكيير في أديس أبابا يوم 27 سبتمبر الجاري.
الرئيسان عمر البشير وسلفاكيير في أديس أبابا يوم 27 سبتمبر الجاري.

الاتفاق الجزئي الذي تم توقيعه باديس أبابا مؤخرا يعتبر بنظر مراقبين صفحة جديدة في العلاقات التي سادتها أجواء التوتر الطويل، مثلما يعد أول إنجاز حقيقي للطرفين منذ استقلال جنوب السودان في خصوص معالجة القضايا العالقة من اتفاقية السلام الشامل.


أقوك ماكور، ناشط سياسي ومحامي، 28 سبتمبر.
© النيلان | أتيم سايمون

وقال سلفاكير أثناء مخاطبته لحفل التوقيع: ”اليوم هو يوم عظيم في تاريخ منطقتنا وخصوصا السودان وجنوب السودان، نحن نشهد توقيع اتفاق تعاون ينهي نزاعا طويلا بين بلدينا.“

واعتبر وسيط الاتحاد الأفريقي ثابو امبيكي أن الاتفاق يمثل خطوة إيجابية بقوله ”إننا مقتنعون أن ما حدث وتم تتويجه بتوقيع الاتفاقات يشكل خطوة عملاقة إلى الأمام للبلدين“.

الاتفاق ينص على منطقة عازلة يجب ان ينسحب منها الجيشان وستكون بعمق 10 كيلومترات من كل طرف من الحدود التي لم ترسم بعد.

يأتي هذا الاتفاق بعد ان عاش البلدان ظروفا اقتصادية بالغة التعقيد بعد ان قرر جنوب السودان إيقاف تصدير نفطه عبر ميناء بورتسودان في يناير، نسبة لوجود لخلافات تتعلق بغياب الشفافية وعدم الاتفاق على صيغة محددة لرسوم العبور والترحيل.

وقد أدى ذلك الى تبني الدولتين لسياسات تقشفية صارمة القت بظلال سالبة على الأوضاع المعيشية للمواطنين.

ضيو مطوك، أكاديمي وأستاذ بمركز دراسات السلام في جامعة جوبا، 28 سبتمبر. 
© النيلان | أتيم سايمون
وعليه، فان هذا الاتفاق سيسمح لجنوب السودان بإعادة تصدير نفطه مرة أخرى عبر ميناء بورتسودان في خطوة يراها المتابعون ضرورية لإنعاش اقتصاد البلدين.

تكمن جزئية الاتفاق في كونه لم يتطرق لمصير خمسة من المناطق المتنازع عليها على امتداد الحدود التي تمتد لمسافة تكاد تقارب الـ 1800 كيلومتر برغم الضغوط التي بذلها الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، التي أعلنت على لسان وزيرة خارجيتها هيليري كلينتون، ترحيبها بالاتفاق بين دولتي السودان وجنوب السودان حول الأمن، النفط، المالية، الجنسية وقضايا التجارة.

وبحسب الناشط السياسي والمحامي اقوك ماكور فان ”جزئية الاتفاق تعتبر مهددة لولا وجود ضمانات المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي الى جانب ضمان داخلي يتمثل في القيادة السياسية للدولتين.

ولعل الخطاب الذي قدمه الرئيسان به مزيد من التطمينات في الالتزام بالاتفاق وعدم العودة للحرب، كما ان هنالك ضرورة لتكملة ما تبقى من قضايا خلافية وفتح صفحات جديدة من التعاون والعلاقات لأن ذلك سيقود للأستقرار في منطقة القرن الافريقي“.

ويرى الدكتور ضيو مطوك وهو أكاديمي وأستاذ بمركز دراسات السلام بجامعة جوبا في اتصال هاتفي (للنيلان) يوم الجمعة 28 سبتمبر ، بان هناك جملة من الإيجابيات التي تضمنتها الاتفاقية الى جانب كثير من المثالب.


قبريال جوزيف، إعلامي ومحلل سياسي، مايو 2012.
© النيلان | أتيم سايمون
يقول ضيو أنه من مزايا هذا الاتفاق هو انه سيخلق حدودا مرنة تمهد لعلاقات تواصل بين القبائل بلا معوقات وتشجع حركة التجارة عبر الحدود ، بجانب إيجاد منطقة منزوعة السلاح تنسحب منها قوات الطرفين لمسافة عشرة كيلومترات وهذا من شانه ان يضمن ديمومة للاتفاق مع وجود آليات تقليدية لحسم النزاعات.

وأشار ضيو كذلك الى جملة من السلبيات التي يمكن أن تعوق نفاذ الاتفاق، منها انه لم يحدد خط صفر بالنسبة للميل 14 حتى يستطيع الجيش الشعبي إعادة انتشاره لمسافة 10 كيلومترات لان الحدود التي وضها الحكم الانجليزي في الماضي كانت تتعلق بالمسارات الرعوية وليس المديريات.

ويخشى ضيو أن تخلق الاتفاقية حدودا جديدة للسودان داخل ولاية شمال بحر الغزال، وهو ما لن تقبل به المجتمعات المحلية.بخصوص ما أثمرت عنه الاتفاقية فان معظم الآراء بجنوب السودان تذهب الى أن الضغوط المكثفة التي مارسها المجتمع الدولي على الطرفين و التلويح بالعقوبات هو الذي انتج الصيغة الحالية من الاتفاق غير المكتمل، والذي تثور معه عدة أسئلة تتعلق بالسقف الزمني المحدد لمناقشة بقية القضايا مثل أبيي والحدود.

وفي هذا السياق يقول الإعلامي والمحلل السياسي قبريال جوزيف بأن استراتيجية الخرطوم التفاوضية قد نجحت في استدراج جنوب السودان والمجتمع الدولي لتحقيق الأجندة التي تريدها، فليس هناك تقدم في قضيتي ابيي والحدود، كما أننا لا نعلم شيئا عن آلية تنفيذ الاتفاقيات الأربعة الموقعة.

المكسب الوحيد الذي تحقق، بحسب قبريال جوزيف، ربما يتمثل في قضية الجنوبيين الذين لم ينالوا حقوقهم من الذين كانوا يعملون في الخدمة المدنية. دون ذلك الاتفاق لا يعدو أن يكون سوى تأجيل للمسائل الصعبة لأن البلدان لن يتفقا على موقف محدد مستقبلا حول موضوع أبيي والحدود.