الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

هل تسعى حركة العدل والمساواة لعقد اتفاق ثنائي مع الحكومة؟

اختلفت الرؤى حول مشروع الاتفاق الإطاري الذي تقدمت به حركة العدل والمساواة لحل أزمة دارفور، ففيما اتفق البعض مع جوانبه الخاصة بالمطالب المشروعة، رأى البعض الآخر أنه إقصاء للحركات الأخري في الإقليم.
25.04.2024
© Reuters
© Reuters

تقدمت حركة العدل والمساواة السودانية بمشروع إطاري لحل أزمة السودان فى دارفور وكردفان تناولت فيه قضايا السلطة والثروة وحكم البلاد إلى جانب قضايا النازحين واللاجئين وسكان الكنابى والمناطق الطرفية في السودان. النقطة اللافتة في مشروع الاتفاق هي أن الاتفاق شبه ثنائي إذ أنه خلا من الإشارة إلى بقية الحركات الدارفورية، ففي قسم التعاريف جاءت تسمية الحركة (حركة العدل والمساواة السودانية)كطرف أول في مشروع الاتفاق المقدم والطرف الثاني الحكومة وجاء تعريفها (بحكومة الوحدة الوطنية المشكلة وفقاً لدستور السودان الانتقالي في 2005)

(1)

وبالرغم من أن المشروع قد لامس قضايا في غاية الأهمية وقدم مطالب أهل دارفور المشروعة إلا أنه أغفل دور القوى الدارفورية الأخرى. وهذا قد يدخل المشروع برمته فى دائرة الاتفاق الثنائى ما بين الحكومة وحركة العدل والمساواة ممثلاً وحيداً لدارفور، وهذا قد يجعل الباب مفتوحاً للمزيد من التنافر فى دارفور. وحسب ما جاء في أحاديث الكثير من أعضاء الحركات المسلحة فى دارفور، فإن ثمة مشكلة قد تنتج في حال الأخذ بمشروع الاتفاق الإطارى وجعل حركة العدل والمساواة ممثلاً لدارفور، دون إشراك المكونات السياسية الدارفورية الأخرى. وقد اختلفت الرؤى ما بين المتحدثين حول مشروع الاتفاق الإطاري، ففيما اتفق البعض مع جوانبه الخاصة بالمطالب المشروعة، رأى البعض الآخر أن إصرار حركة العدل والمساواة على إقصاء الآخرين بمثابة الإبقاء على الازمة دون حل.

(2)

الطيب خميس من حركة جيش تحرير السودان جناح مناوى يقول عن مشروع الاتفاق "أنا أعتقد أن الرؤية التي تقدمت بها حركة العدل والمساواة تمثل رؤية وموقف تنظيم سياسي يتحدث بإسم الشعب فى دارفور". وأضاف أن هذه الرؤية "تتفق مع رؤى العديد من الحركات في دارفور، ونحن فى حركة جيش تحرير السودان كنا قد قدمنا العديد من الرؤى حول الحكم الفدرالى وتقرير المصير". وأشار خميس إلى القضايا التي خاطبتها حركة العدل والمساواة قائلاً "القضايا التي خاطبتها حركة العدل والمساواة والتى يدخل من ضمنها قضية سكان الكنابى هي قضايا فى غاية الأهمية باعتبار أن سكان الكنابى يمثلون شريحة مهمة وهم يعيشون وكأنهم بشر من الدرجة الثالثة، هؤلاء مورست ضدهم شتى صنوف التمييز بالرغم من أنهم يشكلون قوة بشرية داعمة ً للاقتصاد الوطنى.

من جانب آخر انتقد خميس الثنائية فى الاتفاق قائلاً "أي اتفاق ينحصر في الإطار الثنائى يكرس الأزمة، وما يطمح اليه الجميع هو الجلوس مع كل الحركات، وهنا لابد لحركة العدل والمساواة أن تنظر لهذه المسألة لأنها وحدها لا تستطيع أن تحقق الأمن فى دارفور، وتقع في خطأ اتفاقية أبوجا". وحذر خميس فى ختام حديثه من المخاطر الكامنة فيما لو آثرت حركة العدل والمساواة العمل الثنائى بينها والحكومة ولم تكترث أو تعير اهتماماً لبقية الحركات في دارفور.

(3)

أما السيد عبد الرحمن جبوره عضو المجلس التشريعي بولاية جنوب دارفور عن حركة جيش تحرير السودان جناح مناوى فيرى ان أي اتفاق اطاري ما بين حركة العدل والمساواة والحكومة لابد أن يتضمن اتفاقية أبوجا مشيراً إلى أن هذا المشروع لا يستطيع تجاوز اتفاق أبوجا لأن اتفاق أبوجا أشرف عليه الاتحاد الافريقى والامم المتحدة. ومضى جبوره يقول إن "وما تقدمت بها حركة العدل والمساواه يأتى فى إطار حل مشكلات أهل دارفور وكان من الممكن ان يكون مشروعاً دارفورياً متكاملاً لو شمل بقية الحركات في مشروعها الإطارى هذا”.

(4)

آدم مهدى أبكر من حركة العدل والمساواة جناح السلام وأحد المرشحين فى دائرة قريضة والجوقانة انضم إلى معسكر المنتقدين للمشروع ويرى فيه سلوكا إقصائية من قبل الحركة، ويضيف قائلا "نعتقد أن المشروع لن يساعد على حل المشكلة في حالة استثناء الآخرين، ومن المفترض على الناس أن يستفيدوا من تجارب الاتفاقات الثنائية السابقة، حينما تم استبعاد الآخرين من المشاركة فما حدث عندها هو ان الاتفاقيات الثنائية لم تصل إلي حلول لمشكلات البلاد التي ما زالت قائمة". ويحذر مهدى قائلاً "إذا أخذنا بنفس مشروع الاتفاق الإطاري المقدم فإن الأوضاع سوف تظل كما في السابق بل أكثر تعقيداً، وسبق أن ذكرت لك أثناء اللقاء الذي جمع د خليل مع د غازى فى أنجمينا وقلت وقتها إن هناك أشياء خفية تجرى ما بين حركة العدل والمساواة والحكومة ,وإذا ما تم القبول بمشروع الإتفاق الإطارى المقدم فإن هذا يؤكد صدق ما ذهبنا اليه فى السابق".

اتفاق أبوجا هو اتفاق افضى إلى اتفاقية السلام في دارفور والتي وقعت عام 2006 بين الحكومة السودانية وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وتعد خطوة هامة في طريق تحقيق السلام في الاقليم. وتنص الاتفاقية على نزع سلاح الجانجويد ومنح الحركات المتمردة المنصب الرابع الأرفع في حكومة الوحدة الوطنية، إضافة إلى تدابير مفصلة لضمان تقاسم الثروات في الإقليم.

(5)

احمد محمد نور كشه من حركة تحرير السودان (الام) له رأي مخالف وينظر للوضع برمته من زاوية أخرى تماماً فهو يقول "انا أرى بأن دارفور تمر بأزمة حقيقية لكن حتماً سوف يتم تجاوزها فالمشكلات مهما كبرت أم صغرت فهي ليست بعصية على الحل فأهل دارفور قادرين على حلها"، ويمضى يقول "اما مشروع الاتفاق الإطارى المقدم من حركة العدل والمساواة فالمقصود منه تحقيق الفائدة لأهل دارفور قبل كل شئ وبعيداً عن التأثيرات التى تقول ان حركة العدل والمساواة او حركة عبد الواحد أو حركة مناوى هو من أتى بهذه الفائدة".

وركز نور فى مسائل لم يتطرق اليها المتحدثين الذين سبقوه حيث قال "اليوم الناس فى دارفور بحاجة الى الأمن والإستقرار وأي عاقل لابد له من أن ينظر الى قضية السلام فى السودان من خلال حل المشكلات التي تسبب عدم الاستقرار وانعدام الأمن بالنسبة للمواطن، وهنا لا غضاضة ان يتحقق السلام بواسطة أي من الأطراف الدارفورية". ويعتقد نور ان الحديث الدائر الآن عن الديمقراطية هو حديث سابق لآوانه حسب رأيه حيث قال "انا أفتكر أن الناس الآن يتحدثون عن الديمقراطية فى السودان ودارفور والمدخل الى تحقيق ذلك فى دارفور لايأتى إلا عبر تحقيق السلام من جهة اي طرف ولايهم من الذي حقق السلام عد الواحد أم خليل". ويشير نور فى ختام حديثه الى أن هناك مشكلة ً أكبر من ذلك وهو حاجة الناس فى المعسكرات الى الإغاثة وربط أسباب هذه الحاجة باستمرار الحرب وقال إن الأمر الأهم من الديمقراطية هو تحقيق السلام أولا، والذين يحسنون قراءة الواقع لابد لهم من السعي الجاد للوصول الى حلول سريعة وناجعة لأن دارفور أمام محك، ودارفور هو السودان والذين يموتون هم من أهل السودان".

(6)

انه مشروع الاتفاق الإطاري الذي طرحته حركة العدل والمساواة من الطبيعي أن يجد يجد الرفض أو القبول من كافة الأطراف أو بعضها، لكن السؤال الذي يدور في الأذهان هو هل بالإمكان ضم بقية أطراف الصراع الدارفورى إلى هذا المشروع المقدم؟ وما مصير الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة والأطراف السودانية الأخرى؟ الإجابة قد تكون في غاية الصعوبة وربما يطول الوقت من اجل إيجادها، لكنها ستمهد الطريق أمام التوصل إلى حل عملي لأزمة الإقليم.