الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

كم يصرف الوزير؟ رحلة البحث عن الأرقام

حسن فاروق
الخرطوم - الأسئلة التي تدور في خاطر المواطن السوداني حول المبالغ التي يصرفها أصحاب المناصب العليا هي أسئلة بقيت لمدة طويلة بلا إجابة. فمتى يبلغ السودان الشفافية اللازمة للحديث بصراحة عن هذا الموضوع؟
25.04.2024
الآلاف أم الملايين؟ كم يصرف الوزراء وأصحاب المراتب العليا في السودان؟
الآلاف أم الملايين؟ كم يصرف الوزراء وأصحاب المراتب العليا في السودان؟

في كثير من دول العالم الثالث  تدور علامات استفهام كثيرة من المواطن العادي عن المخصصات المالية للحكومات ممثلة في الدستوريين واصحاب المناصب العليا في الدولة.

سألت الاستاذ عبد الرحيم الامين، وهو من رجال التعليم القدامى عاصر عدد من الحكومات المختلفة ديمقراطية وعسكرية، عما اذا قرأ أو سمع أو عرف شيئا عن المخصصات المالية للرؤساء أو الوزراء أو حتى مستوى صرف الحكومات في الفترات السياسية المختلفة.

”سؤال عجيب يا ابني فلم يخطر علي بالي لحظة طرح مثل هذا السؤال“
عبد الرحيم الامين

ابتسم الرجل وقال بهدوء المعلم الوقور: ”سؤال عجيب يا ابني فلم يخطر علي بالي لحظة طرح مثل هذا السؤال. هذا يعني اننا نتعامل مع عدم المعرفة في هذا الجانب كشيء من المسلمات.“

وفي اطار البحث عن معلومات حول مخصصات الوزراء، سألت المسؤولة الاعلامية بوزارة المالية فأخبرتني بأن الاجابة على هذا السؤال تخص مجلس الوزراء. فشلت محاولاتي في الوصول للأمين العام للمجلس ومسؤولته الاعلامية، الا أن مصدر صحفي قريب من المجلس صارح باستحالة الحصول عليها لأنه حاول كثيرا وفشلت كل محاولاته.

بحثت عن وزير سابق لالقاء الضوء على هذا الموضوع فكان اتصالي بوزير المالية الاسبق، عبد الله حسن أحمد، الذي اخبرني بأن فترته كوزير امتدت في الفترة من 1993 إلى 1994، وأن راتب الوزير في هذه الفترة كان 75 ألف جنيه (27 ألف دولار)، بجانب مخصصات أخرى مثل السيارة والبنزين والتلفون.

”في السودان ودول العالم الثالث لاتوجد شفافية والمسؤول يعتقد أن المال ملك خاص به، وبالتالي يوزعه وفق مايرى“
عبد العظيم المهل
حسن عبد القادر هلال، عضو البرلمان السابق عن الحزب الاتحادي، أكد عدم معرفته بهذا الامر وأن جانب الاختصاصات يأتيهم في اطار الموازنة العام كقطاع بدون تفصيل.

واكد حديث هلال الاستاذ فاروق ابوعيسى، عضو البرلمان السابق ورئيس تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض الحالي، الذي ذكر بأنه ليس لديه أية فكرة عن هذا الامر مستدركا بانه جاء للبرلمان متاخرا ولكن لم يمر عليه شيء عن المخصصات المالية في الفترة التي قضاها.

المعلومة الوحيدة التي وجدتها كانت من وزير سابق في حكومة الانقاذ فضل حجب إسمه، أكد  بأن مرتب الوزير الاساسي لايتجاوز المليون جنيه (440 ألف دولار) ويصل ببدلاته الى ثلاثة ملايين جنيه (مليون و 100 ألف دولار)  أو أربعة ملايين جنيه (مليون و 400 ألف دولار)، وان المبلغ المخصص للموبايل لا يتجاوز 200 ألف جنيه (73 ألف دولار) شهريا.

الدكتور عبد العظيم المهل، المحلل الاقتصادي المعروف، يرى أن غياب الشفافية هو السبب في عدم معرفة المواطن هذه المعلولمات وذلك بقوله: ”في السودان ودول العالم الثالث لاتوجد شفافية والمسؤول يعتقد أن المال ملك خاص به، وبالتالي يوزعه وفق ما يرى، ولذلك يكون المسؤول قوي ما استطاع التحكم أكثر في المال الذي بحوزته وهذا خلق جو مناسب لانطلاقة الاشاعات حول مخصصات المسؤولين.“

وصولنا الى مرحلة معرفة المخصصات المالية للمسؤولين والحكومة يعني أننا وصلنا مرحلة التغيير الجذري في كل شيء اقتصاديا وسياسيا واجتماعياونحن، والحديث للدكتور عبد العظيم المهل، ”ورثنا نظام الخدمة المدنية من الانجليز وهو أكثر نظام محافظ وبه ضوابط كثيرة ولكن للأسف هذه الضوابط تم تعطيلها لسبب أو آخر أو تم الالتفاف حولها أو تجنبها بشكل أو آخر“.   

”ولذلك يمكن أن نقول أن الضوابط موجودة ولكن المشكلة في عدم الالتزام بها. وللأسف الالتزام بهذه الضوابط يتم ويطبق على الضعاف من الموظفين والمسؤولين.“

استطلاع بعض شرائح المجتمع للوقوف عند نظرتهم حول  احقهم وواجبهم في الالمام كامل بهذا الموضوع جاء باجابات متفاوتة.

البعض أبدى دهشته وأقروا بأنهم لم يعطوا انفسهم ولو مرة هذا الحق. أما البعض الآخر تحدث بلامبالاة عن الفائدة من المعرفة وآخرون يرون أن وصولنا الى مرحلة معرفة المخصصات المالية للمسؤولين والحكومة يعني أننا وصلنا مرحلة التغيير الجذري في كل شيء اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.