الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

قرار فرض الطوارئ: القضاء على حلم العودة إلى الجنوب؟ (04.05.2012 00:00) - 1129

آدم أبكر علي
الخرطوم - قرار فرض الطوارئ على الولايات الحدودية في السودان له تأثيرات فاجعة على المواطنين الجنوبين المقيمين في السودان الذين يريدون العودة إلى جنوب السودان.
25.04.2024
ساحة تجمع المواطنين الجنوبيين مملوءة بأثاثهم في انتظار طويل لوقت عودتهم إلى جنوب السودان (2012\\05\\04).
ساحة تجمع المواطنين الجنوبيين مملوءة بأثاثهم في انتظار طويل لوقت عودتهم إلى جنوب السودان (2012\\05\\04).

في التاسع والعشرين من شهر أبريل المنصرم اصدر الرئيس السوداني عمر البشير مرسوماً جمهورياً يقضي بفرض بموجبه حالة الطوارئ في الولايات الحدودية مع دولة جنوب السودان، وهي ولاية جنوب كردفان وولايتي سنار والنيل الأبيض، ليتم عرضه في البرلمان للمصادقة عليه.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو ألا يعد قانون الطوارئ مخالفاً للدستور الإنتقالي؟ وما المقصود بهذا القانون؟ هل المهربين الذين يقومون بنقل البضائع الى دولة الجنوب؟ أم أن القانون ضد الجنوبيين الذين يريدون الذهاب الى الولايات الجنوبية؟ ألا يتأثر المواطن السوداني من فرض حالة الطوارئ؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة.

يرى أستاذ العلوم السياسية د. مختار الأصم أن فرض حالة الطوارئ أمر صعب يهدد حرية المواطن، لكنه يقول ”الذي إستدعى الى فرض حالة الطوارئ أمر أصعب منه“. 

”من حق القوى السياسية أن تتخوف لأن قانون الطوارئ ليس بالأمر الهين“  
مختار الأصم 

وعن تخوف القوى السياسية من فرض قانون الطوارئ قال الأصم: ”من حق القوى السياسية أن تتخوف لأن قانون الطوارئ ليس بالأمر الهين، لكن من ناحية أخرى لايمكن للدولة أن تقدم الغذاء للشخص الذي يقاتله، لقد ثبت أن كل الغذاء الذي تعتمد عليه قوات دولة الجنوب هو غذاء قادم من شمال السودان“ .

لم يستطع د. الأصم الجهر صراحة بخطورة فرض قانون الطوارئ وتأثير ذلك على المواطنيين السودانيين الذين يتنقلون ويعتاشون من التجارة في المناطق الحدودية وكذلك على الجنوبيين الذين يريدون الذهاب الى ذويهم عبر المنافذ الحدودية، ولم يقل أن فرض الطوارئ سوف يضر بمستقبلهم أيما ضرر.

القوى السياسية السودانية إستنكرت فرض قانون الطوارئ ورأت فيه خرقاً للدستور الإنتقالي وبداية لإعلان الحرب على دولة الجنوب، ويرى البعض الآخر أن الأجهزة الأمنية يمكن أن تستخدم هذا القانون حتى في الخرطوم ضد المعارضين.  

”الحكومة بفرضها لقانون الطوارئ تخالف الدستور الإنتقالي“ كمال عمر

الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي الأستاذ كمال عمر قال: ”الحكومة بفرضها لقانون الطوارئ تخالف الدستور الإنتقالي، وإنها تريد إعلان الحرب على دولة الجنوب“، وأضاف أن الحكومة ”تستهدف الجنوبيين المتواجدين في المناطق الحدودية وفي السودان عامة“.

أما عن تأثير هذا القرار يرى المواطن الجنوبي ماركو تونج الذي مضى على بقائه قرابة الستة أشهر في إنتظار السفر الى الجنوب: ”الآن لا توجد طريقة أمامنا للسفر الى الجنوب، سبق لنا قبل ثلاثة أشهر أن قمنا بإستئجار سيارة بمبلغ 30 مليون جمعناها من 30 شخصاً لغرض الذهاب الى الجنوب لكن عادت السيارة أدراجها بنا ثانية الى الخرطوم بحجة أن الطريق غير آمن وتوجد مشاكل هناك، الآن وبعد فرض قانون الطوارئ انقطع أي أمل لنا في السفر، وأضطررت الى عرض كل متاعي للبيع وبأرخص الأثمان ولا ندري ما هو مصيرنا بعد الآن“.

ماركو تونج مواطن جنوبي في ساحة تجمع الجنوبيين الذين يحاولون العودة الى جنوب السودان (2012\\05\\04 © آدم أبكر علي).

سوزي، فتاة عمرها عشرون عاما،ً علامات الحزن بادية على وجهها، تقول: ”ماذا نفعل الآن لم يبقى أمامنا سوى الإنتحار، لقد مضى على وجودنا في هذه الساحة قرابة السنة وستة أشهر، لقد نفذت كل نقودنا التي حصلنا عليها من بيع منزلنا، حيث إشترينا بها هذه الأمتعة والآن نحن نبيعها بنصف سعرها، لايوجد طريقة للسفر ولايوجد لدينا منزل والخريف على الأبواب. ماذا نفعل؟“

وتقول ميري، مواطنة جنوبية أخرى: ”أنت ترى بأم عينك معاناتنا نحن لا نعلم الى من نشكي همنا ومأساتنا. لدينا أطفال صغار ما ذنبهم يعانون الجوع والعطش؟ حقيقة الأمر أن أوضاعنا سوف تسوء إن لم يتم تدارك الوضع خصوصاً بعد إعلان حالة الطوارئ على المناطق الحدودية السبيل الوحيد الذي نسلكه للذهاب الى الجنوب.“

 أثر فرض قانون الطوارئ كبيراً على المواطنين الجنوبيين المتواجدين في الساحات بعدما باعوا بيوتهم وإفترشوا العراء في إنتظار العودة الى الجنوب. نفذت النقود جراء الإنتظار الطويل وهم بأمس الحاجة للمساعدة العاجلة، فهل من مجيب قبل وقوع الكارثة؟