الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

خبراء محليون يحذرون من الاتكال على المساعدات الغذائية التي تعيق الزراعة

تشارلتون دوكي
جوبا - يقول خبراء التنمية إن على حكومة ومواطني جنوب السودان تخفيف اعتمادهم على المساعدات الغذائية وتركيز جهودهم على زراعة المحاصيل الغذائية.
أشخاص يتلقون المساعدات الغذائية في ولاية الوحدة، 11 إبريل 2012
أشخاص يتلقون المساعدات الغذائية في ولاية الوحدة، 11 إبريل 2012

يحذر خبراء التنمية من أن بعض المجتمعات المحلية في جنوب السودان أصبحت تعتمد على المساعدات الخارجية أكثر مما يجب، حيث يعتمد سكان ريف جنوب السودان على الأسواق لتوريد مستلزماتهم من المواد الغذائية التي تشمل ذرة السرغوم الرفيعة والذرة والبقول بدلاً من إنتاج غذاءهم بنفسهم، وفقاً للتقرير الخاص بتقييم الأمن الغذائي الذي أصدرته مؤخراً شبكة نظم الإنذار المبكر عن المجاعة.

وبحسب تقديرات عام 2012 الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فقد أنتج سكان جنوب السودان ما بين 700 و 800 ألف طن من الغذاء. وعلى الرغم من أن هذا الكم يساهم على نحو كبير في تأمين متطلبات البلاد من الطعام بنحو 5 ملايين طن سنوياً إلا أنه غير كافٍ.

”ما لم يتم حل النزاع ومشكلات الأسواق والقيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية فإن العام 2015 سيكون أسوأ من العام الحالي“
كريس هيلبرونر
إلا أن التقديرات تقول إنه عندما يحصد مزارعو جنوب السودان غلالهم خلال الأسابيع القليلة القادمة، ستكون قليلة جداً لأن العنف أبعد الكثير من الناس عن أراضيهم.

ويواجه حوالي أربعة ملايين مواطن معدلات كارثية من انعدام الأمن الغذائي في أغسطس بحسب تقارير الأمم المتحدة، وستكون توقعات توفر الغذاء في عام 2015 أسوأ، كما يقول كريس هيلبرونر من شبكة نظم الإنذار المبكر عن المجاعة التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

يضيف هيلبرونر: ”نحن في انتظار حصاد الخضراوات خلال أسبوعين إلى أربعة أسابيع ثم الحصاد الرئيسي في أكتوبر. وبإمكان عمليات الحصاد هذه أن توفر إغاثة قصيرة الأمد، ولكننا نرى أن عمليات الحصاد تلك ستكون أقل من المتوسط على وجه العموم“، مؤكداً أنه ”ما لم يتم حل النزاع ومشكلات الأسواق والقيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية فإن العام 2015 سيكون أسوأ من العام الحالي“.

وتعزى المجاعة التي تلوح في الأفق حالياً إلى انعدام الأمن الذي هجّر الناس من بيوتهم، وإلى عدم إمكانية الوصول إلى الأسواق إما لسوء شبكة الطرق أو لانعدام الأمان. إلا أن الخبراء يدلون بحججهم على فشل المجتمعات المحلية أيضاً في إنتاج غذاءهم بأنفسهم، وهو الاتجاه الذي ساهم في تفاقم حالات نقص الغذاء في كل أنحاء البلد.

ويقول إسحق ووجا إينوك، مستشار الأمن الغذائي وتنمية الموارد في وكالة التنمية الهولندية: ”قبل الحرب كانت هناك مجتمعات تملك آلياتها الخاصة للتكيف مع أزمات الغذاء لعدم توفر المعونات الغذائية آنذاك. وكانوا يقومون بكل ما يستطيعون فعله لتأمين طعامهم، ولكن الوضع الآن مختلف“.

”المساعدات الغذائية لا توفر كامل العناصر الغذائية التي يحتاجها الناس“
إسحق ووجا إينوك
وتشير اليونيسيف إلى أن حوالي 300 ألف طفل في جنوب السودان يعانون من سوء التغذية، ويتواجد معظمهم في المجتمعات السكانية التي تعتمد حالياً على المعونات الغذائية في أجزاء من ولايات أعالي النيل والوحدة وجونقلي والتي تعد الأكثر تضرراً من النزاع.

ويقول ووجا: ”تسيطر ملامح الهزال والشحوب على الأطفال ويبدون أكبر من سنهم الحقيقي، وهذا لأن المساعدات الغذائية لا توفر كامل العناصر الغذائية التي يحتاجها الناس“.

ويؤكد الخبراء إن الاعتماد على المعونات الغذائية سيديم حالة سوء التغذية ونقص الغذاء ما لم تأخذ المجتمعات المحلية وخصوصاً الموجودون في مناطق آمنة نسبياً في البلاد زمام المبادرة لإنتاج طعامهم.
 
ويضيف ووجا: ”إنهم يفتقرون للأمن الغذائي فهم يتلقون الحبوب وزيت الطهي والهدف من ذلك هو إبقاؤهم على قيد الحياة فقط وليس الحفاظ على صحتهم“.

ويقول جيمس لوبيه، المرشد الزراعي الذي يعمل في ولاية الاستوائية الوسطى، إن جنوب السودان يتمتع بالقدرة على زراعة الغذاء وتوفيره للمواطنين نظراً لتربة البلاد الخصبة ووفرة الأمطار وضخامة مساحة الأراضي القابلة للزراعة.

”ينبغي توعية المجتمعات السكانية التي تملك ثروات حيوانية بأنه لا بأس بأن يبيعوا حيواناتهم كي يشتروا المواد الغذائية من السوق“ جيمس لوبيهويبين ووجا أن ”المسألة ما هي إلا إرادة سياسية. ولو أخذت الحكومة زمام المبادرة في العمل على عدم اللجوء للمساعدات الغذائية وأصرت على الزراعة بدلاً من الأغذية المجانية للجأ الناس إلى آليات التكيف التي يتمتعون بها خلال المواسم الضعيفة“.

ويقول إنه ينبغي توفير المساعدات الغذائية لسد فجوات نقص الغذاء فقط عندما تدمر الفيضانات المحاصيل أو عند موسم الجفاف، ولكن لا ينبغي أن يستمر الاعتماد عليها في كل عام.

وأقر ووجا أنه كان من المستحيل زراعة المناطق المتضررة من النزاع، ولكنه أصر على أنه بمجرد حل النزاع، يجب أن لا يكون هناك مبرر لاستمرار الناس في الاتكال على المساعدات الغذائية.

ويتفق ووجا ولوبيه على وجوب وجود استراتيجية لتوعية المجتمعات المحلية كي تدرك بأن المساعدات ليست حقاً لها بل لتساعد الناس على البقاء أحياء لفترة من الزمن إلى أن يتمكنوا من الوقوف على أقدامهم وإنتاج غذائهم بأنفسهم.

ويبدي لوبيه ملاحظته بأنه ”ينبغي توعية المجتمعات السكانية التي تملك ثروات حيوانية بأنه لا بأس بأن يبيعوا حيواناتهم كي يشتروا المواد الغذائية من السوق بدلاً من الاعتماد على المساعدات الغذائية التي تقدمها وكالات المعونة“.