الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

صراعات جنوب السودان وسط موجات الجفاف والفيضانات والتغيرات المناخية

دينق أتيم
جوبا - حالات الجفاف والفيضانات في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الصراعات العنيفة تعوق إنتاج الغذاء في جنوب السودان.
منزل غمرته المياه في ولاية شمال بحر الغزال، سبتمبر 2012.
منزل غمرته المياه في ولاية شمال بحر الغزال، سبتمبر 2012.

تعليق:

لا يزرع المواطنون القلة في جنوب السودان الذين يعملون في الزراعة إلا كمية قليلة تكاد لا تكفي لإطعام جميع السكان. ويعوق إنتاج الغذاء أيضاً زيادة موجات الجفاف والفيضانات في السنوات الأخيرة والمترافقة مع التمرد في أنحاء البلاد، مما يؤدي إلى عدم توفر طعام كاف لمن لا يستطيع شراء المواد الغذائية المستوردة.

وقد أدت الكوارث الطبيعية إلى تضرر الإنتاج الغذائي بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، فبحسب الأمم المتحدة أدت موجات الجفاف والفيضانات في عام 2013 إلى تأثيرات أشد بثلاث مرات مما حدث في عام 2011.

أثر فصل الأمطار، وفقاً لبيانات عام 2013، على أكثر من 313 ألف شخص في 44 مقاطعة من أصل 79 في جنوب السودان

وأثر فصل الأمطار، وفقاً لبيانات عام 2013، على أكثر من 313 ألف شخص في 44 مقاطعة من أصل 79 في جنوب السودان، مقارنة ب80 ألف شخص كانوا قد تأثروا بالفيضانات الفصلية قبل عامين من الآن.

وكانت ولاية جونقلي الأكثر تضرراً مع حدوث فيضانات أدت إلى تشريد مئات الآلاف من الناس وتدمير المحاصيل والبيوت والبنية التحتية الأساسية بما في ذلك الطرق العامة.

وأتلفت موجات الجفاف والفيضانات عائدات المزارعين والمحاصيل الوطنية مما أدى إلى نقص الغذاء وتقلص الدخل الزراعي الناتج عن مبيعات المحاصيل. وهدد ضعف المحاصيل الأمن الغذائي وخصوصاً بالنسبة للعائلات الكثيرة التي تعتمد على الزراعة في غذائها ودخلها، ولكن العائلات والنظم الإقتصادية الأكثر تنوعاً تكون أقل عرضة للتأثر بالجفاف والفيضانات.

وتوجد أدلة متزايدة على تغير المناخ على المدى الطويل في عدة أنحاء من جنوب السودان. ويشهد على ذلك الفيضانات الشديدة المتكررة بانتظام في ولايات جونقلي والوحدة وأعالي النيل كما يتضح في مخيمات اللاجئين التي تغص بالناس الفارين من منازلهم التي غمرتها المياه، مما يجعل الحاجة ماسة لتحسين إجراءات تحليل المناخ والتنبؤ بالكوارث وتقليص المخاطر بالنسبة لجنوب السودان وخصوصا في ولايات أعالي النيل الكبرى.

”ستكون أفريقيا هي القارة الأكثر تضرراً على صعيد تغير المناخ“ د. وانقاري موتا ماثاي

ووفقاً للمرحومة الدكتورة وانقاري موتا ماثاي الحائزة على جائزة نوبل للسلام في عام 2004، ستتحمل أفريقيا على الأرجح الوطأة الأكبر لتغير المناخ قائلة: \"ستكون أفريقيا هي القارة الأكثر تضرراً على صعيد تغير المناخ، حيث بدأت في الواقع الأمطار غير المتوقعة والفيضانات والجفاف الطويل الأمد والفشل اللاحق للمحاصيل والتصحر السريع وعلامات أخرى لظاهرة الاحتباس الحراري في تغيير وجه أفريقيا\".

وتجري مساعي عدة لمساعدة المزارعين على التعافي من الآثار المدمرة لموجات الجفاف والفيضانات على الزراعة، حيث توضع خطط لضمان وصول المزارعين إلى مستلزمات الإنتاج الرئيسية، مثل البذور، لمعاودة النهوض بالإنتاج عقب الظروف المناخية القاسية.

ويعتبر غرس الأشجار وسيلة رئيسية لدرء آثار التغير المناخي، ولذلك يجب أن تكون لبرامج كهذه الأولوية بالنسبة للمجتمعات والحكومات والمنظمات غير الحكومية. حيث سيعاكس ذلك مفعول اقتلاع الغابات، وهي مشكلة خطيرة تزيد في توسع الصحارى وتجعل التربة غير صالحة للزراعة ما لم تبنى أنظمة للري. وتزال كميات ضخمة من التربة الخصبة من الأراضي كل سنة نتيجة لاقتلاع الغابات وسوء إدارة الأراضي.

ويمكن تجنب ظروف الصحراء من خلال تنظيم قطع الأشجار واستخدام شتلات أشجار شديدة القدرة على مقاومة الجفاف وعميقة الجذور قادرة على التقاط أي موارد للمياه الجوفية يمكن أن تكون متاحة. ومن المفيد أيضاً اعتماد نظام زراعي غابي يعتمد في الزراعة على خلط أنواع ذات فوائد متعددة.

ولا يمكننا في جنوب السودان تحمل تجاهل قضايا كالتغير في المناخ والتدهور البيئي، في حين تعتبر الصراعات والتشرد وانعدام الأمن الغذائي المشاكل الثلاثة الأشد إلحاحاً بالنسبة لجنوب السودان والتي تحرض جهود المساعدة الإنسانية الدولية الراهنة.

والكوارث ذات المنشأ الطبيعي أو التي تعتبر من صنع الإنسان جزئياً مثل الجفاف والتصحر والفيضانات هي قضايا مساهمة بشكل رئيسي في خلق تلك المشاكل الأمنية. وسيتطلب معالجة هذه القضايا من قبل حكومة جنوب السودان استثمارات كبيرة في إدارة الموارد الطبيعية، وكذلك سياسات جديدة للاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. ويجب على المجتمع الدولي في هذه الأثناء، تحويل مركز اهتمامه من الإغاثة الإنسانية إلى التنمية المستدامة.