الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

إعادة التفكير في سياساتنا وطرق استثمارنا
إعادة التفكير في الاستثمارات الإقليمية

هنري لوتايا
مع تعاظم ضغط النمو السكاني على الموارد، بالإضافة إلى التهديد الذي يمثله تغير المناخ، تعيد مبادرة حوض النيل النظر في استثماراتها لضمان فعاليتها قدر الإمكان في مواجهة هذه التحديات المتصاعدة.
22.03.2022  |  كمبالا، أوغندا
د. مايكل كيزا، نائب المدير التنفيذي لمبادرة حوض النيل. (الصورة: النيلان | هنري لوتايا)
د. مايكل كيزا، نائب المدير التنفيذي لمبادرة حوض النيل. (الصورة: النيلان | هنري لوتايا)

عُقد المنتدى السادس لتنمية حوض النيل بنجاح بين فبراير ومايو 2021 رغم قيود السفر التي فرضتها جائحة كوفيد-19.

اتخذت الفعالية، التي كانت افتراضية بمعظمها، شكل ندوات على الإنترنت استقطبت 824 مشاركاً من 55 بلداً في مختلف أنحاء العالم تحت شعار: "إعادة النظر في الاستثمارات الإقليمية في حوض النيل: المياه والطاقة والغذاء والبيئة وتغير المناخ".

وفي هذه المقابلة، يتحدث الدكتور مايكل كيزا، الذي عُيّن مؤخراً نائباً للمدير التنفيذي لمبادرة حوض النيل التي تعقد هذا الحوار العلمي ثلاث مرات سنوياً، إلى مراسل النيلان هنري لوتايا عن المنتدى:

النيلان: لماذا اختارت مبادرة حوض النيل شعار "إعادة النظر في الاستثمارات الإقليمية في حوض النيل"؟

مايكل كيزا: مبادرة حوض النيل منظمة حكومية دولية أسستها الدول العشر في حوض النيل لتعزيز الاستخدام العادل للموارد المائية.

عندما أُسست المبادرة في 1999، كان النهوض بالتعاون في قضايا مياه حوض النيل أحد أهدافها الرئيسية. وكان الهدف الثاني هو دعم إدارة الموارد المائية، والثالث دعم تنمية هذه الموارد.

تأخذ دول حوض النيل مسألة التنمية على محمل الجَدّ. يتألف الحوض، كما تعلم، من بلدان ما زالت في مراحلها التنموية، وتواجه بالتالي تحديات عدّة كارتفاع مستويات الفقر والطلب المتنامي على الخِدْمَات الاجتماعية.

الحوض منطقة بالغة التعقيد أيضاً. الأمطار الغزيرة تهطل في جزء واحد منها فقط، بينما يعاني النصف الآخر الذي يندر فيه هطول الأمطار من الفيضانات أحياناً. وحتى في المناطق التي تهطل فيها أمطار كثيرة، تُهدر جميع المياه أثناء فصل الأمطار وتجد هذه المناطق نفسها في معاناة في فترات الجفاف.

علينا ضمان رضا الجميع دون التفريط باحتياجات أجيال الغد."

تفاقمت هذه التحديات الطبيعية بفعل مشكلتين عامتين رئيسيتين يواجههما حوض النيل: اقتران النمو الاقتصادي بارتفاع كبير في معدلات النمو السكاني - وهذا يعني تنامي الطلب على المياه والغذاء والطاقة بسرعة أكبر. ورغم ذلك، فالموارد المائية اللازمة لتلبية هذا الطلب المتنامي ما زالت على حالها.

ثانياً، التحديات إقليمية في طبيعتها. فالتحديات التي تواجه أوغندا لن تتوقف عند حدودها لأنها عابرة للحدود بطبيعتها. وإذا حاولت كل دولة حل مشكلاتها بمفردها، فلن يفضي ذلك إلى أفضل الحلول.

إذا حاولت أوغندا، مثلاً، استصلاح أراضي المستنقعات بهدف استقرار الأعداد المتزايدة من سكانها أو توفير الغذاء لهم، فلن يؤثر ذلك سلبياً على المناخ الإقليمي فحسب، بل سيقوّض أيضاً جودة المياه التي تصل إلى بلدان الحوض الأخرى لأن لهذه المستنقعات دور حاسم في تنقية المياه.

وبدافع الاعتراف بضرورة تعزيز التعاون وتضافر الجهود، كلف مجلس وزراء شؤون المياه لدول حوض النيل واللجنة الاستشارية الفنية لدول الحوض، وهما هيئتا الإدارة في مبادرة حوض النيل، المبادرة بتعزيز الاستثمارات في البنية التحتية للموارد المائية والارتقاء بإدراك أهمية الاستثمارات العابرة للحدود.

لقد أبلت مبادرة حوض النيل بلاء حسناً على مر السنين في إطلاق التعاون بين بلدان الحوض عن طريق تهيئة بيئة تتيح لهم عقد محادثات فيما بينهم عوضاً عن التناحر.

كانت الخطوة التالية ضمان استغلال الموارد بعدالة واستدامة. وعلينا ضمان رضا الجميع دون التفريط باحتياجات أجيال الغد.

لذلك، كان الدور الأولي لمنتدى تنمية حوض النيل هو جمع جميع الشعوب التي تتعامل مع الموارد المائية للتباحث بشأنها.

فرصة لإعداد التقارير

يجمع المنتدى السادس لتنمية حوض النيل معلومات محدّثة ويوفر لواضعي السياسات والأوساط العلمية منصة حيوية لتبادل المعلومات عما يجري.

لذلك، أردنا استغلال المنتدى في الوقوف على ما يجري في مختلف الدول الأعضاء بشأن الاستثمارات وفي إعداد تقارير أيضاً عن عملنا في مجال الاستثمار منذ الدورة الأخيرة للمنتدى.

وعليه، كان القصد من شعار إعادة النظر في الاستثمارات هو ضمان إبقاء تركيزنا على التحديات الملحة التي تواجه المنطقة وتقييم أدائنا قياساً بالأفكار التي دعت إلى تأسيس المبادرة.

تحدٍ متعاظم

ساد شعور بأننا كنا ننفذ استثمارات منذ إنشاء مبادرة حوض النيل قبل 22 عاماً. ورغم تحقيق إنجازات كثيرة على مر السنين، هذا إن كانت إنجازات فعلية، فقد كانت المشكلة تتعاظم.

فعلى سبيل المثال، يرتفع الطلب على المياه مع ازدياد عدد السكان. واقتصادات الدول تتنامى وتتعاظم معها الحاجة إلى المياه والطاقة ومواد البناء التي يعتمد بعضها على حياة النهر.

أردنا إيجاد حلول لبعض هذه التحديات.

النيلان: ما سبب بطء بعض الاستثمارات؟

مايكل كيزا: لماذا تتعاظم المشكلات رغم الجهود التي تبذلها الدول وجميع القوى الفاعلة الإقليمية الأخرى؟ كيف يمكننا أن نصبح أكثر فعالية ونستغل الموارد لضمان الاستثمار في قطاعات أكثر تعود بالفائدة على الشعوب؟

إعادة النظر لا تعني القول إننا لم نكن نبلي بلاء حسناً، بل الإيمان بقدرتنا على إيجاد سبل أكثر فعالية لاستغلال استثماراتنا.

النيلان: ما مجالات الاستثمار الحاسمة التي برزت إثر الحوار؟

مايكل كيزا: مجالات الاستثمار الحيوية كثيرة جداً، ولكنها برأيي قائمة على عدد من الوقائع أو الحقائق. ولحسن الحظ، فقد حددت الأهداف الاستراتيجية الستة لمبادرة حوض النيل هذه المجالات:

1) الأمن المائي - تلبية الطلب المتزايد على المياه؛ 2) أمن الطاقة - إطلاق إمكانات الطاقة الكهرومائية وتحسينها؛ 3) الأمن الغذائي - زيادة الإنتاجية الزراعية؛ 4) الاستدامة البيئية - حماية واستصلاح الأنظمة البيئية المتدهورة؛ 5) تغير المناخ - التأهب لآثار تغير المناخ؛ 6) تعزيز حَوْكَمَة المياه عبر الحدود - جمع الشعوب معاً لبناء أرضية مشتركة لتحقيق المنافع للجميع.

يؤدي تحدي النمو السكاني السريع والنمو الاقتصادي إلى ارتفاع هائل في الطلب على المياه. ومع النمو الاقتصادي، يصبح استهلاك الفرد للمياه والطاقة لدى الأثرياء أعلى منه لدى الفقراء.

مثلاً، عندما تخطط لنظام مياه في مواجهة ارتفاع عدد السكان والدخل، يجب أن تراعي أن الأثرياء يستهلكون مياهاً أكثر.

يجب أيضاً أن تتأهب لوضع سبل لتنظيف البيئة. وكما تعلم، فالأنهار التي تجري عبر مناطق حضرية أو مناطق مكتظة بالسكان معرضة أكثر للتلوث لأن السكان يرمون النفايات فيها عادة.

لذلك، كانت بعض المحادثات تدور مثلاً حول ما يقوله العلم عن أثر مختلف الأنشطة الاقتصادية في أراضي المستنقعات.

كيف يمكننا إنتاج المزيد من الغذاء لعدد سكان أكبر وأكثر ثراء بفعالية أكبر باستخدام مقدار المياه نفسه بل أقل مما نستخدمه حالياً؟

بعض المقترحات التي برزت على صعيد الأمن الغذائي تود التركيز مثلاً على إمكانية تعاون البلدان للاستثمار في إنتاج المزيد من الغذاء بفعالية أكبر.

تشير الدراسات إلى أن نقصاً هائلاً في المياه سيظهر قبل حلول 2050 إذا لم يحرص الجميع على مراعاة المياه المتوفرة عند وضع خطط الري. ويبرر هذا أهمية التخطيط المشترك، ويعني أيضاً أن علينا أن نبحث عن سبل أكثر فعالية في إنتاج غذاء أكثر بمياه أقل.

يفاقم تغير المناخ المشكلات القائمة."

يُعدّ أمن الطاقة أحد الأهداف الاستراتيجية لمبادرة حوض النيل. وقد أجرينا محادثات عديدة عن السبل التي تتيح لنا دفع أجندة الطاقة الكهرومائية قدماً في المنطقة.

هل تستطيع الدول العمل معاً على تمويل مشاريع مشتركة في قطاع الطاقة لديها؟ هذا فعلياً ما نعنيه بتقاسم المنافع عوضاً عن تقاسم الموارد.

 تقاسم المنافع يعني ضرورة التركيز على استخلاص الأفضل من الموارد عوضاً عن تقاسمها، ويشير إلى ضرورة استغلال الموارد مع مراعاة احتياجات الآخرين عوضاً عن التنافس على الموارد نفسها عندما تنفذ كل دولة مشاريع فردية.

النيلان: كيف أثرت التحديات الجديدة كتغير المناخ على أجندة مبادرة حوض النيل على صعيد الاستثمارات؟

مايكل كيزا: يفاقم تغير المناخ المشكلات القائمة، ويؤدي إلى نوبات جفاف وفيضان متكررة. ويزيد ارتفاع درجة الحرارة من تعقيد التحديات الخطيرة التي تتمثل في انخفاض مستويات المياه أو تدهور جودتها في الأنهار والبحيرات.

ولكنك تستطيع إدارة المشكلات والتعامل معها بصورة أفضل من خلال العمل المشترك لأن هذه المشكلات تتخطى قدراتك وقدرات الجميع. بخلاف ذلك، يرجح أن يفاقم العمل الفردي المشكلة حيث يسعى كل طرف بمفرده إلى التنافس على الموارد نفسها.

النيلان: ما طبيعة الاستثمارات أو التغييرات اللازمة لمواجهة التحديات المعقدة المتنامية على صعيد الحوكمة؟

مايكل كيزا: تتطلب الحوكمة إرادة سياسية واستثمار الوقت في تقدير التحديات التي تواجه البلدان الأخرى. فالتعاون بطبيعته ينطوي على الأخذ والعطاء.

هذا التقرير يقع ضمن ملف:
عندما تتحدث الأفعال، تنعدم الكلمات
جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.