الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الاقتصاد السوداني‪:‬ الأزمة مستمرة!

حسن بركية
الخرطوم - تظل حزمة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة لمجابهة  تحديات مابعد ذهاب بترول الجنوب محل جدل وخلاف بين الخبراء والمحللين.
25.04.2024
عدد المتسولين في السودان في ارتفاع مخيف بسبب تدهور الحالة الاقتصادية في البلاد.
عدد المتسولين في السودان في ارتفاع مخيف بسبب تدهور الحالة الاقتصادية في البلاد.

قالت حكومة السودان أكثر من مرة أن الاجراءات الاقتصادية التقشفية القاسية التي اتخذتها بمثابة الدواء المر والضروري لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان. هناك من يعتقد أن وجود بدائل أخرى خلاف زيادة الاعباء على المواطن وفي خضم هذا الجدل، برزت العديد من المؤشرات والأرقام التي ربما دعت البعض لإعادة قراءة حساباته وفق المعطيات الجديدة الماثلة.

عدد الفقراء فى السودان يبلغ 14 مليون نسمة، أي ما يعادل 46 في المائة من مجموع سكان البلاد
محمد علي يوسف
بعض الإجراءات الاقتصادية زادت من الضغوط المعيشية على الشرائح الضعيفة ومحدودي الدخل. قال الامين العام لديوان الزكاة محمد علي يوسف، ان عدد الفقراء في السودان يبلغ 14 مليون نسمة، أي ما يعادل 46 في المائة من مجموع سكان البلاد، وكشف ان اجمالي موارد الزكاة في العام الماضي بلغ 597 مليار جنيه. ترسم هذه الأرقام بعض مشاهد الواقع الاقتصادي.

وفي المقابل، تعمل الحكومة على امتصاص الآثار السالبة لبعض الإجراءات الاقتصادية في محاولة لتخفيف العبء على الشرائح الضعيفة ومحدودي الدخل.وقال القيادي بالمؤتمر الوطني مندور المهدي في تصريحات صحفية أن الدولة لجأت لتلك المعالجات الجراحية للاقتصاد لأن هناك تهديداً حقيقياً لميزانية الدولة الموارد خاصة البترول.

”إن هناك مجهودات وإجراءات من قبل الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، بينما تسعى المعارضة جاهدة لتوظيف الأزمة لتحقيق أهداف خاصة.“
الشيخ عبد الجليل النزير الكاروي
ومضى الشيخ عبد الجليل النزير الكاروي عضو المكتب القيادي بالحزب الحاكم في ذات الإتجاه وقال: ”إن هناك مجهودات وإجراءات من قبل الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، بينما تسعى المعارضة جاهدة لتوظيف الأزمة لتحقيق أهداف خاصة.“

وللأزمة الاقتصادية وجوه أخرى ومنها وجه العملة الوطنية، الجنيه السوداني، حيث تراجعت العملة الوطنية مقتربة من مستويات تاريخية مقابل الدولار مع ارتفاع الطلب على الأغذية المستوردة خلال شهر رمضان وزاد معدل التضخم هذا العام و بلغ 37.2 في المائة وهو أعلى من ضعفي نظيره قبل نحو عام.

وخفض البنك المركزي هذا الشهر سعر الجنيه مقابل الدولار بتحديد سعر صرف يتراوح بين 4.3 و4.7 من 2.7 في السابق، في محاولة لسد الفجوة مع أسعار السوق الموازي.

وترى العديد من الدراسات الاقتصادية أن أحوال السودان الاقتصادية تدهورت بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

ووقع العبء الأكبر على فئات وطبقات بعينها وكانت النتيجة تقلص كبير في الدخل مع ارتفاع تكاليف المعيشة.

التدهور الاقتصادي في السودان ليس وليد اليوم. صحيح المعاناة زادت من جراء الإجراءات الاقتصادية الاخيرة وانفصال الجنوب، ولكن الصحيح أيضاً أن الأزمة الاقتصادية السودانية لها تاريخ أبعد، وللوضع الاقتصادي المتدهور أكثر من مؤشر وأكثر من عنوان: ازدياد معدلات الفقر، البطالة، تدهور الإنتاج الزراعي والحيواني، زيادة الورادات من السلع الاقتصادية والمواد الغذائية، الهجرة الواسعة نحو المدن وخاصة الخرطوم بعد أن إفتقد الريف السوداني مقومات العيش الكريم.

ويتواصل الجدل حول طرق الخروج من الأزمة الاقتصادية. بينما تقول الحكومة أن المخرج الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو المضي في طريق تنفيذ حزمة الإجراءات التقشفية الأخيرة، ترى قيادات معارِضة أن الإجراءات الأخيرة لن تحل المشكلة بل تزيد الاعباء على كاهل المواطن.

يقول الدكتور صابر محمد الحسن، رئيس القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني ومحافظ بنك السودان السابق، إن ”الإجراءات التقشفية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة هدفت إلى وقف التدهور الاقتصادي“، مبينا أن اللجوء إلى رفع الدعم عن المحروقات يمثل ”حلاً ضرورياً وموضوعياً كان سيتم اعتماده عاجلاً أو آجلاً، إذ أن دعم السلع يعني الاستمرار في تنفيذ سياسة خاطئة تضر بالاقتصاد ولا تنفعه“ موضحاً أن هذا الخطأ ”ضار بالاقتصاد ويكلف المواطن فوق ما يطيقه مستقبل“.

”ارتفاع تكاليف الإنتاج ستخرج الكثير من المنتجين خارج عجلة الإنتاج وسترمي بهم الى العوز والفقر“
حسن بشير
يرى الدكتور حسن بشير، أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين  في مقال منشور، أن الإجراءات التقشفية الاخيرة لن تحل المشكلة ويقول‪:‬ ”إن إرتفاع تكاليف الإنتاج ستخرج الكثير من المنتجين خارج عجلة الإنتاج وسترمي بهم الى العوز والفقر. هناك أيضا تناقص عائدات الولايات الفقيرة والمحليات بسبب ضمور إيرادات الرسوم التي تشكل مصدر دخلها الأساسي“.

وهكذا تتعدد زوايا الرؤية للوضع الاقتصادي في البلاد ولكن لا أحد ينفي وجود أزمة. الاختلاف يكمن في الدرجة والقياس وطريقة العلاج.

ولأن القرار الاقتصادي قرار سياسي، تظل الأوساط الاقتصادية تنظر بعين الترقب للمفاوضات الجارية في أديس أبابا بين السودان ودولة جنوب السودان لأن التوصل لإتفاق سياسي حول عائدات البترول يعني ضخ العافية في جسد الاقتصاد شمالاً وجنوباً.