الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

‫نفط الجنوب عبر الشمال بعد التاسع من يوليو..‬ ‫ورقة التسويق والتصدير وأكثر من علامة استفهام!‬

‫هل لدولة الجنوب الوليدة أي مورد آخر بخلاف النفط تعتمد عليه حتى توقف تصدير نفطها عبر الشمال؟ الإجابة على هذا السؤال تنتظر إعلان مولد الدولة الجديدة ووقتها لكل حادث حديث.‬
25.04.2024
مازالت مسألة النفط عالقة و مازالت التهديدات الورقة الملعوبة من طرف االقياديين في الشمال و الجنوب.
مازالت مسألة النفط عالقة و مازالت التهديدات الورقة الملعوبة من طرف االقياديين في الشمال و الجنوب.

نقلت جريدة  الأهرام في عددها 538 ليوم السبت 18/6/2011 عن الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم قوله أنه يطالب بإيقاف بيع النفط عبر الخرطوم في الثامن من يوليو المقبل، مهددا بتقديم شكوى رسمية إلى المجتمع الدولي في حال إستمرار الخرطوم ببيع النفط. ووصف أموم أي تحرك لبيع النفط بالقرصنة التي يجب أن تقف عند حدها. ‬

‫مما سبق، يتضح للمراقب السياسي أن العلاقة ما بين دولة الشمال والجنوب ما زالت غامضة ولم تتبين ملامحها الى الآن: هل تصبح علاقة تشوبها العدائيات أم علاقة جوار أخوي خاصة إذا ما أخذت التوترات الأخيرة في أبيي أو جنوب كردفان بعين الاعتبار؟‬

"اجتماع حاسم للنفط لم يسفر عن أي اتفاق"

‫في حسبة بسيطة تعول حكومة الشمال على المبالغ التي يمكن أن تتحصل عليها من تصدير النفط المنتج في الجنوب والتي تقدر بنحو 135 مليون دولار بحسب تخمين الخبراء،  الذين قالوا أن الجنوب ليس لديه أي خيار آخر لتصدير نفطه إلا عبر أنابيب دولة الشمال، و أن أي إتجاه آخر لتصدير النفط سيكلف أموالاً طائلة جداً ويستغرق زمناً طويلاً.

دولة الجنوب لن تستطيع أن تتحمل وقف تصدير النفط الذي يدر عليها أموالا بالعملات الصعبة. بحسب هذه المعلومات إزدادت حكومة الخرطوم اطمئناناً، وتحاول أن تلعب بورقة تصدير النفط للضغط على دولة الجنوب الوليدة. تصريح وزير المالية الأخير خير دليل على ذلك حينما قال "أي جالون للنفط الجنوبي لن يصدر بعد الثامن من يوليو ما لم تدفع حكومة الجنوب ثمن إجرة الأنابيب" .‬

‫وفي ما يبدو نوع من الإتفاق بين الطرفين، قال وزير النفط السوداني لوال دينق، والمنتمي للحركة الشعبية،  "إن أمر تسويق النفط سيستمر بالطرق المعمول بها إلى ما بعد التاسع من يوليو إلى حين التوصل  لاتفاق"، معلناً "أن عائدات النفط ستذهب بعد التاسع من يوليو إلى حساب حكومة الجنوب في سيتي بنك بنيويورك  وذلك بعد دفع رسوم المنشآت النفطية الموجودة في الشمال". وأوضح دينق أنه "في حال عدم التوصل إلى اتفاق سيتم تسويق نفط الجنوب عبر العطاءات  والجدولة المعروفة". ‬

‫من الناحية السياسية يتم التلويح بورقة النفط من حين إلى آخر من قبل قيادات الدولتين في مغازلة صريحة. فعقب أحداث أبيي، قلل القيادي بالحركة الشعبية دينق ألور من تأثير توقف تصدير النفط عبر الشمال في إشارة منه أن الجنوب لن يقبل بأن يكون تصدير النفط ورقة ضعط على دولة الجنوب بأي شكل من الأشكال. ‬

‫تجدر الإشارة إلى أن هناك محاولات جادة تجرى الآن لإيجاد منفذ جديد لتصدير النفط المنتج بجنوب السودان بالرغم من إرتفاع تكاليفه ، للحيلولة دون استخدام حكومة الخرطوم هذه الورقة في الأوقات الحرجة.

‬دينق ألور (الجانب الأيسر) - صور الأمم المتحدة / إيفان شنايدر

‫السؤال المطروح الآن هو: هل بمقدور حكومة جنوب السودان استخدام ورقة النفط في السياسة؟ تصريح باقان أموم يصب في هذا المجرى ويرسل إشارات قوية لحكومة الخرطوم من أن الجنوب أيضاً بمقدوره أن يستخدم ورقة النفط للضغط السياسي كما تفعل الخرطوم.‬
‫ ‬
‫مصلحة الدولتين هو في إستمرار تدفق النفط وفق إتفاق معلوم يبين لكل طرف حقوقه، فحاجة الشمال إلى المبالغ التي يدرها تصدير النفط عبر أنابيبها ليست حاجة آنية وإنما هي حاجة ملحة، خصوصاً بعد فقدها لمبلغ الخمسين مليون دولار يومياً حصتها من النفط خلال الفترة التي سبقت إنفصال الجنوب. كما أن الأوضاع المالية لدولة الشمال أصبحت تتبين يوماً بعد آخر، وتحذيرات وزير المالية الأخيرة خير مثال على خطورة الأوضاع الإقتصادية والمالية بعد التاسع من يوليو.

وتزداد المشكلة أكثر في حالة توقف حكومة الجنوب عن تصدير النفط عبر الشمال، ويبدو أن هذا الإحتمال وارد إذا ما سارت الأوضاع في التوتر في منطقة أبيي وجبال النوبة. قد يقول قائل: هل لدولة الجنوب الوليدة أي مورد آخر بخلاف النفط تعتمد عليه حتى توقف تصدير نفطها عبر الشمال؟ الإجابة على هذا السؤال تنتظر إعلان مولد الدولة الجديدة ووقتها لكل حادث حديث كما يقول المثل .‬

‫التصريحات التي تصدر من هنا وهناك كيف يمكن للقارئ فهمها في ظل التوترات المتتالية والإتفاقات المعدومة والتي تظهر في الصباح  وتنتهي في المساء دون أن تضع أية إجابات لواقع العلاقة ما بين دولة الجنوب الوليدة ودولة الشمال؟ العقل يقول بأن الخير في توافق الطرفين شمالاً وجنوباً على أن ينعم شعبا الدولتين بخيرات بلديهما والذي لا ينحصر في مادة النفط فحسب. ‬