التفكير الإيجابي!
أناس يموتون نتيجة نزاعات حدودية، شخص يختلس مبلغاً كبيراً من المال العام، وجميع العناوين الرهيبة الأخرى، كلها باتت أخباراً عادية في بلاد أصبحت مشهورة بمثل هذه الأمور.
عام واحد مضى على استقلال جنوب السودان ولم تكفّ هذه الأمة الوليدة عن إثارة دهشتي. ليس البلد بحد ذاته بقدر ما هي صورته في وسائل الإعلام. كل ما أراه هو الفساد والنزاعات والفقر والمجاعة وما شابه.
كيف يمكن تقديم تقرير إيجابي في ظل الفظائع المرتكبة ضد الأبرياء، وتفشي الفساد وتزايد الفقر؟
أخبرتني المرحومة جدتي أن كل حالة لها جانبان: سلبي وإيجابي. وينبغي على الصحفيين النظر في كلا الجانبين.
ومن الواضح صعوبة التحدي المتمثل في إبراز الجانب المضيء في هذا البلد. أنا لا أقول علينا التوقف عن توعية الآخرين بالأشياء السيئة التي تحدث. نحن جميعا نعرف أن الشر موجود.
وهذا يثير سؤالاً رئيسياً: كيف يمكن تقديم تقرير إيجابي في ظل الفظائع المرتكبة ضد الأبرياء، وتفشي الفساد وتزايد الفقر؟
حسناً، أعتقد أنه لا بد من بذل جهود أكبر للحفاظ على نوع من التوازن. وبدلاً من التركيز فقط على الصراعات والأزمات، أشعر بأن الصحفي مسؤول أيضاً عن كتابة مقالات عن القضايا ذات الاهتمام العام والقضايا التي يمكن أن تساعد في تنمية البلاد.
فمثلاً، يمكن لمناقشة موضوع مهمل في وسائل الإعلام أن تشجع الحكومة على إطلاق مشاريع تشتد الحاجة إليها، كتحسين القطاع الزراعي مثلاً.
وأعتقد أن الأمر يتعلق باختيار مواضيع من شأنها أن تحفز أذهان عامة الناس والقادة على حد سواء. وإلى أن نفهم أن الأخبار السلبية والإيجابية يمكن أن تحدث في وقت واحد، يبقى جنوب السودان مهدداً بصورته السيئة في وسائل الإعلام ومن بينها وسائل الإعلام المحلية.
ما نحتاج إليه، صحفيون مطلعون ولديهم إدراك عميق لواقع جنوب السودان ومستعدون لخوض التحدي المتمثل في تقديم تقارير إيجابية.
ما نحتاج إليه، صحفيون مطلعون ولديهم إدراك عميق لواقع جنوب السودان ومستعدون لخوض التحدي المتمثل في تقديم تقارير إيجابية. وهذا يضمن الحفاظ على قيم المجتمع، حتى في وقت تحدث فيه أشياء سيئة كثيرة.
ومن خلال تسليط الضوء على كلا الجانبين في كل خبر، يمكن لوسائل الإعلام أن تساعد أيضاً في إعادة إعمار البلاد.
تؤدي المحافظة على التوازن بين التقارير السلبية والإيجابية في النهاية إلى إحداث تغيير في الطريقة التي ينظر فيها الآخرون إلى البلاد، وربما حتى إلى القارة. بعدئذ يتجدد الأمل في أن تتحول الصورة الوطنية من \"الحرمان\" إلى \"التقدير\"، مع مستقبل أكثر إشراقًا.
