الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الحملات الانتخابية - اللعب بكروت جديدة

حسن فاروق
شهد انطلاق الحملات الانتخابية الحالية ظواهر جديدة منها اشتراك نجوم الفن والرياضة في حفلات تدشين الحملات.
الفنان وردي بصحبة ياسر عرمان
الفنان وردي بصحبة ياسر عرمان

شهدت الحملات الانتخابية للأحزاب السودانية ظهورا بارزا للمغنيين، حيث أفردت الأحزاب للفنانين مساحة واسعة في برامجها. فقد ظهر الفنان محمد وردي في حملة تدشين الانتخابات للحركة الشعبية وظهر معه الفنان محمود عبد العزيز والشاعر عمر محمود خالد. وكان الفنان حمد الريح متقدما في حملة تدشين المؤتمر الوطني الانتخابية وشاركه الفنان جمال فرفور وفنانون آخرون، كما كان كورال الحزب الشيوعي والشاعر محجوب شريف فاعلين في حملة تدشين الحزب الانتخابية.

وحتي علي مستوي الدوائر الجغرافية كان للفنانين والشعراء دور في الحملات الانتخابية. ولم يتوقف الانفعال مع حدث الانتخابات المقررة في أبريل القادم علي أهل المغني والشعر فقط ولكن كان للرياضة انفعالها أيضا مع هذا الحدث التاريخي، ونجد أن مشاركة بعض الرياضيين تخطت مرحلة الاحتفالية إلى لمشاركة الفعلية من خلال الترشح في الدوائر الانتخابية مثال لذلك طه علي البشير ومحمد الياس ومعتصم جعفر وجمال الوالي عن الحزب الاتحادي الأصل والمؤتمر الوطني.

الرسالة

وإذا حاولنا التعمق أكثر في الحملات الانتخابية المذكورة سنجد أنها اعتمدت في مجملها علي الجانب الدعائي كوسيلة للترويج للمرشح، وهو مؤشر يحمل في داخله أكثر من معنى. فهو من جانب يعني مخاطبة الناخب من خلال جماهيرية الفنانون والشعراء والرياضيين بمعني أنها رسالة تؤكد أن المغني أو الشاعر أو الرياضي يقف مع برنامج الحزب ويؤيد خططه وسياساته التي سينفذها في حال وصل للحكم.

لكن انخراط المغنيين في الحملات الانتخابية له وجه آخر، فالاهتمام بهم طغى بصورة واضحة علي خطاب الأحزاب للناخبين، وتركز الاهتمام بنجوم الفن والرياضة أكثر من التركيز علي ما جاء علي لسان المرشحين. وتؤكد ذلك الصورة المنقولة من خلال وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية التي ركزت بصورة مباشرة علي نجوم الفن والثقافة والرياضة أكثر من التركيز علي نجوم السياسة.

حملة أوباما

الطريقة الاحتفالية التي دشنت بها بعض الأحزاب حملاتها الانتخابية تعتبر طريقة تقليدية وغير مكلفة ماديا ولا يمكن مقارنتها بالحملات الانتخابية في أوروبا وأمريكا التي تعتمد علي الإحصاء الدقيق والأرقام ويتم التركيز فيها علي حجم الإنفاق. فعلى سبيل المثال تعكس حملة الرئيس الامريكي الحالي أوباما الانتخابية نموذجا للكيفية التي تدار بها الحملات الدعائية الانتخابية الكبيرة، فقد أورد جون روتنبيرج الكاتب الصحفي بصحيفة (نيويورك تايمز) أن أوباما تفوق في الدعاية التليفزيونية من خلال الاعلانات، كما أنه حطم الرقم القياسي في الانفاق الاعلاني بتفوقه علي منافسه جون ماكين بنسبة 4إلي 1 وذلك طبقا لتقديرات CMAG التي تراقب الاعلانات والدعاية الرقمية ويرجح الكاتب أن يكون سبب الفجوة الكبيرة بين أوباما وماكين هو قرار أوباما بعدم الإشتراك في نظام الدعم الفدرالي الذي يمنح المرشح 84 مليون دولار ويمنعهم من إنفاق أكثر من ذلك إلي وقت عقد الانتخابات ويري الكاتب بأنه في الوقت الذي إشترك فيه جون ماكين أعلن أوباما جمعه لأكثر من 100مليون دولار خلال شهر وبهذا يضرب الرقم القياسي في الإنفاق الدعائي، انتهي تعليق الكاتب.

من خلال هذه الصورة نلمس الفارق الكبير في الحملات الانتخابية بين النموذج السوداني والنموذج الامريكي من ناحية الصرف المالي والكيفية التي يتم بها مع وسائل الاعلام في هذه الحملات.

غياب الأرقام

في الوقت الذي نري فيه شفافية واضحة في عكس حجم أرقام المبالغ التي صرفت في الحملات الانتخابية الأمريكية لا تقدم لنا الحملات الانتخابية للأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية القادمة أي نوع من أرقام المبالغ التي صرفت علي هذه الحملات صغيرة كانت أم كبيرة . وإذا استثنينا وسائل الاعلام الحكومية المرئية والمسموعة التي تقدم مساحة زمنية محدودة للأحزاب، فإن هذه الأحزاب لم تستفد من الاذاعات والفضائيات الخاصة بالترويج لحملاتها الانتخابية. ولا أدري إن كانت هناك إمكانية في الاستفادة من تقنية الهاتف النقال عبر الرسائل من خلال الشركات الموجودة في السودان.

وبشكل عام يبرز ضعف الامكانيات المادية لأغلب الاحزاب المشاركة في العملية الانتخابية بإعتمادها كما جاء من خلال تصريحات قادتها علي مواردها الذاتية الضعيفة. وإن كانت لم تستفد من خدمة الانترنت (الشبكة العنكبوتية) للترويج لحملاتها الإنتخابية وهي خدمة يمكن الاستفادة منها كثيرا وبتكلفة مادية أقل.

مازالت الحملات بدائية

رغم مايبدو ظاهريا من إختلاف في بعض الحملات الانتخابية هذه المرة عن الحملات في الفترات الديمقراطية السابقة. ورغم الاجتهاد في الاقتراب من الحملات الانتخابية الغربية إلا أن المقارنة تبدو معدومة إلي حد كبير. بل هي في تقديري مازالت بدائية لفشلها في الاستفادة من المتاح علي كل المستويات للوصول إلي الناخب بأقصر الطرق. وقد يكون المبرر الوحيد لهذا الفشل أن الاحزاب مازالت في تمرين الديمقراطية ولم تكتسب لياقة المباريات بعد.