الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

٦\ الجندر: أدوار يجب ملؤها دائماً
تتقدم المرأة إلى الأمام، بخطوات صغيرة

على الرغم من اللامساواة الممنهجة بين الجنسين وطرق التفكير القديمة، لا يزال هناك أمل في النهوض بالمرأة، حسب تعبير ناشطين سودانيين.
18.01.2017  |  الخرطوم، السودان
أمل الزين تقديم ورقة عمل حول القوانين التي تميز ضد النساء والفتيات في الخرطوم، ٢٥ أغسطس ٢٠١٦. (الصورة: النيلان | نبيل بياجو)
أمل الزين تقديم ورقة عمل حول القوانين التي تميز ضد النساء والفتيات في الخرطوم، ٢٥ أغسطس ٢٠١٦. (الصورة: النيلان | نبيل بياجو)

وفقاً لآخر مؤشر للمساواة بين الجنسين، وهو مؤشر يرصد الفجوة بين المرأة والرجل في التعليم والنشاط الاقتصادي والتمكين السياسي، يتخلف السودان عن دول ذات معدل متوسط في هذا المجال في جنوب الصحراء الكبرى وعن معظم جيرانه.

يرزح السودانيون اليوم تحت هذا الوضع، الذي يتجلى بفجوة واسعة بين الجنسين وانتشار التمييز على أساس الجنس، على الرغم من الإنجازات المبكرة التي أحرزتها المرأة السودانية في منتصف القرن الماضي بحصولها على حقوقها السياسية والمدنية قبل نظيراتها في دول المنطقة.

ويعزو خبراء وناشطون سودانيون ضعف الوعي بالنوع الاجتماعي (الجندر) في بلدهم إلى عدة آليات معقدة، لها جذورها في شبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي تتفاعل ضمن إطار قانوني وثقافي، يشرعن الهيمنة الذكورية في المجتمع.

تقول نعمت كوكو، خبيرة التنمية ورئيسة فريق مركز دراسات النوع الاجتماعي في الخرطوم، إن معيار المؤشر الجيد لمكانة المرأة السودانية هو مقدار ما تحقق ضمن هدف التنمية المستدامة لتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين الذي وضعته الأمم المتحدة، وهو هدف ينادي بضمان حقوق المرأة الاقتصادية والسياسية.

"هناك قصر في الرؤية الاستراتيجية من جانب الحكومة. ولذلك فإن مسؤولية الدعوة والنضال من أجل المساواة بين الجنسين تقع على عاتق نشطاء المجتمع المدني وغيرهم من الجهات الفاعلة غير الحكومية"، تقول كوكو.

وتضيف بأن مهمة المجتمع المدني ضخمة بسبب العوائق البنيوية التي تجعل النساء السودانيات يتخلفن عن الرجال في التعليم وسوق العمل والرعاية الإنجابية. وإلى جانب هامشية تمثيلهن في البنية الإنتاجية، تعاني نساء السودان أيضاً من ارتفاع معدل البطالة مقارنة مع الرجال حسب إحصائيات تستثني العمل المنزلي المحجوز للنساء.

يقول خبراء التنمية في السودان إن تطبيق سياسات السوق الحرة في السودان في تسعينيات القرن الماضي ثم خسارة إيرادات النفط الضخمة لصالح انفصال جنوب السودان عام ٢٠١١ أجبر مزيداً من النساء على الانخراط في سوق العمل وتسلم وظائف حكومية وفي القطاع الصناعي، في حين حطت أعداد ضخمة، من الفئة الأقل تعليماً، رحالها في القطاع غير المنظم أو الهامشي، مثل بائعات الشاي والنساء اللواتي يبعن المواد الغذائية في الشوارع في كافة أنحاء السودان. 

لقد فاقمت الحروب الأهلية في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق أيضاً الأوضاع الاقتصادية لمئات آلاف النساء والفتيات اللواتي فقدن معيلهن في هذه المناطق الريفية الممزقة.

تقول المستشارة القانونية في الخرطوم أمل الزين إن موقع النساء السودانيات الآن يعتبر نكسة كبيرة إذا نظرنا إلى ما قطعنه في الماضي من مراحل أساسية وما شاركن فيه من تحولات سياسية حاسمة في تاريخ بلدهن. فقد حصلت المرأة السودانية على حق التصويت في عام ١٩٦٤ وأصبحت فاطمة أحمد إبراهيم أول امرأة تدخل البرلمان بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالدكتاتورية العسكرية وأقامت حكماً ديمقراطياً. وقد ضمنت المرأة التكافؤ مع الرجل في الراتب عند تكافؤ العمل مثل نظرائهن من الرجال بحلول عام ١٩٦٩.

 

القوانين تدعم التمييز على أساس الجنس

تقول الزين إنه على الرغم من أن المرأة اليوم تشغل ٢٥ في المائة من مقاعد برلمان السودان، إلا أن هناك قوانين ولوائح تسمح بالتمييز على أساس الجنس، كما أن العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد ٤٩ في المائة من أصل ٣٠ مليون سوداني توثقه الكتب، دون أن تكون هناك أقنية رسمية متاحة للتصدي له.

وتبين الزين أن أهم هذه القوانين قانون الأحوال الشخصية الذي يعطي الرجل كامل السلطة على خيارات المرأة الشخصية وأحياناً العامة والسلوك. "يستند قانون الأحوال الشخصية إلى فلسفة تمارس التمييز ضد المرأة وتقر تبعيتها قانونياً، فالقانون يسلب منها الحريات الشخصية، ومنها حرية اختيار الزوج. ويمكن لولي الأمر الرجل أن يزوج فتاة عمرها ١٠ سنوات لأي رجل." وتضيف الزين أن "انتشار زواج الأطفال في ولاية النيل في شمال السودان قفز من ٧ أو ٨ في المائة إلى ٢٦ في المائة بسبب هذا القانون."

ومن القوانين الأخرى التي تقول إنها تنتهك حقوق المرأة: قانون الجنايات لسنة ١٩٩١ وقانون النظام العام لسنة ١٩٩٦ وقانون العمل.

وترى الزين أن السودان بحاجة ليس فقط إلى إصلاح قانوني شامل، بل إلى إصلاح سياسي واجتماعي أيضاً لاسترجاع القيم والممارسات القديمة التي كانت موجودة بعيد الاستقلال وزمن الحكومات الديمقراطية التي كانت تحترم حقوق المرأة.

 

نور على الدرب

تقول أماني تابيدي، المديرة التنفيذية لجمعية بابكر بدري العلمية لدراسات المرأة، إنه قد يكون المستقبل مشرقاً بالنسبة للفتيات والنساء السودانيات. تركز جمعيتها التابعة لجامعة أحفاد للبنات على محاربة الممارسات الضارة كالزواج المبكر وختان البنات. وقد قطعت منذ تأسيسها عام ١٩٧٩ شوطاً كبيراً في نشاطاتها الخاصة بتثقيف البنات بحقوقهن وجعلهن وكلاء من أجل التغيير.

"هناك مؤشرات كثيرة تنبئ بقرب تراجع هذه الممارسات الضارة"، تقول تابيدي. "يريد الناس أن يجدوا آذاناً صاغية لمطالباتهم عندما يصرخون: "بناتنا غير مختونات". ونسمع بعض الشباب يقولون: "نريد الزواج من فتيات غير مختونات"."

ينفذ طلاب تابيدي جولات توعية للنساء والفتيات في ريف السودان. "هم يذهبون ويلتقون بالمجتمعات المحلية ويعملون على توعيتها. لدينا في كل عام شعار محدد للرحلات، مثل ختان البنات، والزواج المبكر، وسرطان الثدي... إلخ. ويعرضون مسرحيات ذات أدوار هادفة ومحاضرات عامة"، تفسر تابيدي. 

وتضيف أنه على الرغم من التحديات البنيوية الضخمة التي تواجه النساء والفتيات في السودان فإن التغيير قادم، ربما ببطء، لكنه قادم بالتأكيد.

جميع مواضيعنا متوفرة لإعادة النشر. نرجو الاتصال بنا عبر عنوان بريدنا الالكتروني عند إعادة نشر تقاريرنا، صورنا أو أفلامنا.