الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

الأمن الغذائي في جنوب السودان - حلم بعيد المنال

مرفيس بيرونجي
كمبالا – أدت سنوات القتال في جنوب السودان إلى اعتماده على الأغذية المستوردة العالية التكلفة بالنسبة لمعظم السكان بحيث أوصلته إلى حافة هاوية الجوع.
سكان ولاية الوحدة يتسلمون المساعدات الغذائية، 11 أبريل، 2012.
سكان ولاية الوحدة يتسلمون المساعدات الغذائية، 11 أبريل، 2012.

في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 50 بالمائة من أهل جنوب السودان تحت خط الفقر، لا يتمكن إلا الأثرياء من الحصول على الطعام السليم ذي القيمة الغذائية الذي يتم استيراد معظمه من شرق أفريقيا وأثيوبيا وشمال السودان، بينما يفتقر غالبية الناس لذلك.

”لتحقيق أي قدر من الأرباح أطلب ثمناً يعادل ثلاثة أضعاف سعر المواد الغذائية“
سيمون جونقو
ويشتكي باعة الأغذية من اضطرارهم لتحميل سلعهم تكلفة عالية بسبب الرسوم المفروضة مع تكاليف نقل الأغذية على الطرق الوعرة. ويوضح سيمون جونقو، التاجر الأوغندي الذي يصدر الأغذية إلى جنوب السودان، بأنه يدفع ضرائب باهظة لنقل تلك المنتجات، ويقول: ”أدفع مبالغ غير معقولة بهدف إيجاد مخزون المنتجات التي لدي في جوبا. ولتحقيق أي قدر من الأرباح أطلب ثمناً يعادل ثلاثة أضعاف سعر المواد الغذائية.“

والمناطق الأكثر تضرراً هي الولايات البعيدة عن جوبا، حيث تكون تكلفة النقل مرتفعة نتيجة لأخطار العنف وسوء الطرق مع استمرار تعليق طلب جنوب السودان الانضمام إلى مجموعة شرق أفريقيا. ويأمل كثيرون إلغاء الضرائب المفروضة على البضائع القادمة من شرق أفريقيا في حال انضمام الدولة إلى المجموعة.

ويعتمد جنوب السودان إلى حد كبير على الأغذية المستوردة باعتبار ذلك إرثاً من سنوات الحرب الأهلية التي حرمته من الزراعة التي تعتبر عموده الفقري. وغالباً ما اضطر المزارعون إلى الفرار خلال الحرب تاركين بيوتهم، وهو ما كان يعني فقدانهم للمعارف الزراعية التقليدية بالإضافة إلى تدني بنية الدولة التحيتة إلى أقل مستى أو انعدامها تماما.

وقد تفاقمت هذه المشاكل بفعل العنف الجاري الذي بدأ في ديسمبر الماضي باشتباكات بين القوات الموالية لرئيس جنوب السودان سلفاكير ونائبه السابق ريك مشار. وقد جعل هذا العنف الواسع النطاق نقل الأغذية إلى كثير من أنحاء البلاد مستحيلاً. ولا يستمتع معظم جنوب السودانيون، ما عدا أقلية محدودة، من تعريف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للأمن الغذائي: ”يتحقق الأمن الغذائي عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول، من الناحيتين المادية والاقتصادية، على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية كي يعيشوا حياة توفر لهم النشاط والصحة.“

”يتحقق الأمن الغذائي عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول، من الناحيتين المادية والاقتصادية، على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية كي يعيشوا حياة توفر لهم النشاط والصحة.“

تعريف الأمن الغذائي حسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
وقد مكن اتفاق السلام الذي وضع حداً للحرب بين شمال وجنوب السودان عام 2005 المنظمات التنموية من تنشيط سلة البلاد الغذائية الموجودة في الولايات الثلاث الكبرى غرب، شرق ووسط الاستوائية، نظراً لامتلاك هذه الولايات، بخلاف الباقية، تربة خصبة وأمطاراً يمكن الاعتماد عليها في دعم الزراعة.

ولوقف استيراد جنوب السودان للغذاء، وفقاً لتقرير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حول الزراعة في جنوب السودان، تشتد الحاجة لزيادة إنتاجه من الغذاء، حيث يشير التقرير إلى وجود مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة في جنوب السودان. تجري حاليا زراعة خمسة في المائة فقط من  230 ألف ميل مربع (ما يقارب 560 ألف كيلومتر مربع)، حسب وزارة الزراعة في جنوب السودان.

وقد صعدت الفاو وغيرها من المنظمات جهودها من أجل زيادة إنتاجية وتوسيع المساحات الجاري زراعتها. وتعتبر الوكالة الأميركية للتنمية الزراعة أحد نقاطها الرئيسية في التركيز على المساعدة التي تقدمها لجنوب السودان مع سعيها لقلب الممارسات الزراعية عن طريق تدريب المزارعين المحليين على المهارات الزراعية الحديثة.

وتقوم منظمة الفاو، كجزء من جهودها الرامية لتحسين الزراعة، بتوزيع البذور على الجمعيات الزراعية وتوفير التدريب الميداني. وقد عزز ذلك إنتاج الأغذية في الاستوائية الكبرى. إلا أنه من أجل استدامة هذا الإنتاج، تحتاج المنطقة إلى الأمن والبنية التحتية أيضاً. ومع كل هذه المجهودات، يظل عامل انعدام الأمن والعنف الجاري معيقا للتطور الزراعي في البلاد.

ويبين تقرير صدر مؤخراً عن منظمة الفاو كيف أعاق النزاع الحالي إنتاج المحاصيل الزراعية في المناطق التي تعمها النزاعات حيث هرب الناس ودمرت الممتلكات. ويحذر من توقعه تدهور الأمن الغذائي خلال الأشهر القادمة، مع تقديراته بأن عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي يبلغ ثلاثة ملايين ونصف مليون شخص. ونظراً لأن النزاع أعاق نقل الغذاء فقد شرعت منظمات الأغذية كبرنامج الغذاء العالمي بإسقاط الأغذية من الجو لعشرات الآلاف من النازحين داخل البلاد.