بثينة أم لخمسة أطفال، زوجها مريض مقعد عن العمل بالمنزل، وهي بائعة مثلجات. تتجه بثينة نحو أحد أسواق أطراف المدينة في الصباح الباكر لتعرض مثلجاتها للبيع، بعد أن قضت ليلا طويلا في تعبئتها في أكياس.
وقفت بثينة حائرة في أحد أسواق المحاصيل بمدينة نيالا، بسبب ارتفاع الأسعار وندرة الحبوب الغذائية من دخن وذرة وقمح.
”الصراعات المسلحة في منتصف الموسم الزراعي للعام الماضي حالت دون تمكن المزارعين من إكمال زراعتهم، مما أثر جليا على الحصاد الزراعي للعام الماضي والذي بدوره أدى إلى قلة المحاصيل في الأسواق“ وارتفع سعر الدخن بحوالي 43 في المئة بينما سجلت الذرة ارتفاعا بنسبة 40 في المئة، بالمقارنة مع العام الماضي. ويعتبر كل من الدخن والذرة ضمن مكونات الغذاء الأساسي لسكان دارفور.
يَعْزُو نائب رئيس سوق المحاصيل في نيالا حجازي عبد الغني ارتفاع الأسعار إلى ”نزوح سكان المناطق المنتجة إلى أطراف المدن بسبب الصراعات المسلحة، منها الصراع الدائر بين القبائل والصراع بين الحكومة والحركات المتمردة، في منتصف الموسم الزراعي للعام الماضي، الأمر الذي حال دون تمكن المزارعين من إكمال زراعتهم، مما أثر جليا على الحصاد الزراعي للعام الماضي والذي بدوره أدى إلى قلة المحاصيل في الأسواق“.
ويشتكي صغار المزارعين من عدم توفر الأمن بمناطقهم إضافة إلى قلة التمويل الزراعي.
لا يخفي المزارع حسن موسى استياءه من بيروقراطية التعامل مع التمويل الزراعي من قبل الحكومة أو البنوك.”غالبا ما نحصل على التمويل في منتصف الموسم الزراعي وهذا أمر غير مجدي“.
”غالبا ما نحصل على التمويل في منتصف الموسم الزراعي وهذا أمر غير مجدي“
لم تتمكن وزارة الزراعة بجنوب دارفور من الزراعة إلا مشروع واحد، مشروع العبيد الذي يبعد 13 كلم غرب نيالا، من 20 مشروع ترك بورا.
بالإضافة إلى انعدام الأمن، يرى الخبير فى أراضي دارفور والباحث في مجال التنمية الريفية شمو إبراهيم شمو أن ما يحدث من غلاء في الأسواق يعود إلى سبين أساسيين هما الانهيار الاقتصادي والتغير المناخي.
الانهيار الاقتصادي واضح في الفقر المدقع وتراجع الإنتاج. أما التغير المناخي فيبدو واضحا في تراجع خصوبة الأراضي والأمطار فضلا عن زيادة عدد السكان والاستهلاك وزيادة عدد الحيوانات وقلة المراعي.
”منذ أكثر من 12 عاما المناخ في تغير. خطوط معدلات الأمطار في تحرك نحو الجنوب، وهذا يؤدي إلى هجرة الشجيرات والبذور،“ يقول شمو، مشيرا إلى ضرورة إجراء جملة من الإصلاحات المتمثلة في إيقاف التدهور البيئي وسن قوانين لتنظيم العمل ومتابع دورية للتقارير الواردة من المحليات والمناطق الزراعية.
تقول شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة في تقرير أصدرته في يونيو 2014، إن توقعات وطنية وإقليمية تشير إلى هطول أمطار متوسطة، أو أقل من متوسطة من يونيو إلى سبتمبر في السودان هذا العام. ضعف هطول الأمطار وموسم حصاد سيء ثان سيؤديان على الأرجح إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي حتى في شهر ديسمبر، عندما تتحسن الظروف عادة مع موسم الحصاد. في هذه الحالة، فإن عدد السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في السودان يمكن أن يزيد بشكل كبير في العام المقبل.
وأطلقت المنظمات الإنسانية في ديسمبر الماضي نداءا لتقديم 995 مليون دولار لتنفيذ 395 مشروع في أحد عشر قطاعا في جميع أنحاء السودان. وحسب تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن إقليم دارفور سيستحوذ على 553 مليون دولار من مجموع المبلغ، بينما توجيه ما يقارب 388 مليون دولار لقطاع الأمن الغذائي وسبل العيش في مجمع أنحاء السودان.